الثلاثاء، 27 ديسمبر 2016

إشارة : نحن ، وإعلام الإفك !

مقالة ( إشارة ) للشاعر محمد شريم التي نشرها الموقع الإلكتروني لجريدة ( الحدث ) اليوم الثلاثاء 27/12/2016 .
[ لقراءة المقالة من موقع الحدث ، يرجى الضغط على الرابط الوارد تحت النصّ مباشرة ] 
     
-------------------

      إشارة :
                              نحن ، وإعلام الإفك ! 

                                                     بقلم : محمد شريم


       تتميز هذه الأيام في مشرقنا العربي بتتابع الأحداث وتتاليها، وخاصة بعد الرياح الهوجاء التي عصفت بهذه المنطقة منذ العام 2011 فيما كان يدعى بالربيع العربي، قبل أن نجعله ـ نحن ـ بأيدينا خريفاً!

      وتتابع الأحداث يرافقه بالضرورة ارتفاع في وتيرة عمل وسائل الإعلام، المحلي والدولي، وذلك لنقل الأخبار من خلال المقاطع المرئية والنصوص المسموعة والمطبوعة، وكلما ارتفع مؤشر الأحداث هنا أو هناك ترتفع معها حمى التعليقات والتحليلات في وسائل الإعلام هذه، حتى يصاب المواطن الذي يتابعهابالصداع !

       ووسائل الإعلام بشكل عام، من الصعب أن تكون بريئة، أي موضوعية، بنسبة تامة في نقلها للأحداث، على الأقل لأن القائمين عليها هم من البشر، ولا شك أن الفكر أو الهوى يجنح بهم ذات اليمين أو ذات الشمال أثناء نقل الأحداث أو تحليلها أو التعليق عليها، ومع هذا فإن المراقب لوسائل الإعلام يمكنه بسهولة أن يقسمها إلى قسمين : القسم الأول، وسائل الإعلام الموجودة في الدول المتقدمة في مجال الديمقراطية، وهذه غالباً ما تكون هي الأقرب إلى الموضوعية، وهي بحكم الواقع تساهم في التأثير على قادة تلك الدول في اتخاذ القرار، والقسم الثاني، وسائل الإعلام المتواجدة في الدول الدكتاتورية، وهي غالباً ما تكون أداة في يد الحاكم وبوقاً له، خوفاً أو طمعاً !

          وفي بلادنا العربية التي راودها الأمل في الديمقراطية وحرية التعبير ذات ( ربيع ) نجد وسائل الإعلام ـ هي في الغالب ـ  من النوع الثاني، وللأسف الشديد، فقد كانت أول من هبّ للدفاع عن الحاكم، والذي ليس من الضرورة أن يكون هو ( الرئيس )، إذ من الممكن أن يكون الحاكم الفعلي الذي يتقمص صورة الرئيس هو الجيش أو الحزب أو العشيرة، كما كانت وسائل الإعلام هذه آخر من تحدث عن الحراك الشعبي وتململ الجماهير في بداية ذلك ( الربيع ) الذي ساهمت مساهمة ـ لا تشكر عليها ـ في القضاء عليه !

       إن هذا النوع من الإعلام، والذي يطلق عليه أحياناً ( إعلام الإفك ) لأنه يحترف الكذب والافتراء والتزوير والتضليل، فيجعل الحق باطلاً، كما يلبس الباطل ثوب الحق، يؤدي دوره من خلال خطة متكاملة تشتمل على نشر ما يريد من الأخبار، ويحوّر ما يريد منها، ويحجب ما يرى أنه يدوس لسيده على طرف، ليس هذا فقط، وإنما يلجأ إلى تركيز الأضواء على أحداث بالتحليلات التي يستنطق فيها بعض المحللين ويستدرجهملتوجيه حديثهم بالطريقة التي يريدها هذا الإعلام، وفي غياب الطرف المقابل حتى لا يعطى فرصة للتعبير عن رأيه، فتكون حلقاته التحليلية والحوارية عبارة عن جلسات ( ردح ) ضد ( الفئة الباغية ) يشارك فيها الضيف والمضيف، على حد سواء، وفي المقابل ترى هذا الإعلام يلقي بظلال التجاهل على أحداث أخرى، ويجعلها بعيدة عن أن يتناولها الخبراء والمختصون بالتحليل والتأويل .

         وإعلام الإفك لا يقتصر على الإعلام الرسمي، أو الإعلام المدافع عن الحاكم فقط، بل يشمل هذا الوصف الإعلام المهاجم له أحياناً، فإن الكثير من وسائل الإعلام التي تمتلكها ( المعارضة ) أو الأطراف المتعاطفة والمتحالفة معها، تسير على نفس النهج، وتعمل بموجب ذات الخطة، ولكن بالاتجاه المغاير، ولذلك ليس من العجب أن تشاهد صورة مؤلمة أو مقطع فيديو يُدمي القلب على وسيلة إعلام معارضة أو حليفة للمعارضة وهي تقول : انظروا ماذا يقعل النظام الدموي، وأن تشاهد الصورة نفسها أو المقطع المرئي ذاته على وسيلة إعلام تابعة للنظام وهي تقول : انظروا ماذا تفعل الجماعات المجرمة!

         ومما يزيد الطين بلة في مجتمعاتنا العربية، وغيرها، أن العاقل والجاهل أصبحت له وسيلة إعلامه الخاصة، ألا وهي وسائل التفاعل المجتمعي ( التواصل الاجتماعي )، فتراه يتلقف الصورة التي تعجبه أو المشهد الذي يروق له، ويعيد نشره على صفحته الخاصة أو على الموقع الذي يديره أو المدونة التي يحررها، وهو غالباً ما يكون منقولاً من إحدى وسائل الإعلام التي تفرض سيطرتها على السّاحة الجماهيرية، بما تمتلكه من عناصر القوة، كما تفرض الجماعة المسلحة النظامية أو المعارضة سيطرتها في ميدان القتال .

           فماذا نحن فاعلون في مثل هذا الواقع يا ترى ؟ وما هو المطلوب منا ؟
           أرى أن المطلوب منا نحن الجماهير العربية هو أن نعمل بمسارين :
        المسار الأول، هو أن نتخيّر من وسائل الإعلام ما يمكن أن نتوقع في عملها قسطاً جيداً من الموضوعية، لتكون مصدر أخبارنا ومعلوماتنا، وأن نشجعها على تطوير نهجها الموضوعي في تناول الأحداث، لأنها بهذا النهج تقدم الخدمة الكبرى للجماهير، فالجماهير ما يهمها هو الحقيقة، لتوجه بوصلتها بناء عليها، وبالحقيقة أيضاً تردّ وسائل الإعلام الحاكم والمعارض إلى جادة الصواب، إذا أوشك أي منهما على تجاوزها، كما ترشد كلاً منهما ولو بشكل غير مباشر إلى النهج القويم والطريق المستقيم .

          أما المسار الثاني، فهو أن نمعن النظر والتفكير في كل ما يصدر عن وسائل الإعلام ( المتحاربة )، حتى تلك التي تروق لنا متابعتها لأننا نتعاطف معها فكرياً أو سياسياً، ما دام الواحد منا حريصاً على معرفة الحقيقة، فالتعاطف أساسه العاطفة، والعاطفة دون تحكيم العقل كثيراً ما تقود المرء إلى الضلال . وهذا ما يوجب علينا أن نتمثل الحديث الذي يقول : (استفتِ قلبك ولو أفتاك الناس وأفتوك )، وهو المعنى الذي عبر عنه الشاعر بقوله :
أيها الغرّ إنْ خُصِصْتَ بعقلٍ      فاتّبعْهُ، فكلّ عقلٍ نبي !
سلمت عقولكم .
-------------------------------------------------------------------------------
رابط المقالة في الموقع الإلكتروني لجريدة ( الحدث ) :
 
http://www.alhadath.ps/article/49998/%D8%A5%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D9%86%D8%AD%D9%86%D8%8C-%D9%88%D8%A5%D8%B9%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%81%D9%83--%D8%A8%D9%82%D9%84%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D9%85-

الأحد، 25 ديسمبر 2016

لوحات : (7) العملاق والقزم !

قَدْ جَـــاءَ عِمْـلاقٌ إِلى قَــــــزَمِ       وَبِنَفْسِـــهِ شَـيءٌ مِـنَ الأَلَـــــمِ
مِنْ عِلَّـةٍ فِي العَيْنِ تُضْعِفُهــــا       وَالصَّـدْرُ مُنْقَبِـضٌ مِنَ السَّــأَمِ

لِيَقُوْلَ : يا مَحْبُوْبُ ، خُذْ بِيَديْ       فِيْ جَوْلَــةٍ ، قَدَمَــاً إِلَى قَـــدَمِ
فَأَجَابَــــهُ : لا .. لَـنْ تُرافِقَنِـيْ       إِنِّيْ لَأَخْشَــى وَخْـــزَةَ النَّــــدَمِ
فَلَسَــوْفَ أَبْـدُو حِيْنَ تَصْحَبُني       في أَعْيُنِ النُّظَّــــارِ 
 
كَالعَــدَمِ !

محمد شريم
25/12/2016

الأربعاء، 21 ديسمبر 2016

هي بيت لحم !

 هذه المقالة ضمن سلسلة المقالات التي تحمل اسم ( إشارة ) والخاصّة بجريدة ( الحدث ) الفلسطينية الورقية نصف الشهرية ، وقد نشرتها الجريدة في عددها الذي يحمل الرقم ( 76 ) الصادر في 20/12/2016 ـ الصفحة 16 :

( يمكن قراءة المقالة عن الجريدة المصورة من خلال الضغط على الرابط الوارد أسفل هذا المنشور ) 

--------------------------------------------------------------------

                                               هي بيت لحم 

                                                  بقلم : محمد شريم

     هي بيت لحم ! لم تزل ملكة الروح ومهبط الهوى منذ أن رَفلت بثوبها الأبيض على صهوات السُّحب لتجسد اللقاء بين الأرض والسماء ، فتكللت بالمجد المزين بأغصان الزيتون ، وأزهار الياسمين ، وأغصان الرياحين ، التي تتخللها شقائق النعمان .
أنت العروس لتلبسي الإكليلا       فالمجد جمّل دُرّه تجميــــــلا
     وكيف لا تكون مهبط الهوى ، ومحط الأعين ، وملتقى الأفئدة ، وقد تسابقت إليها أسراب اليمام بين الغمام ، لتهبط مع قطرات الندى ، فتشهد أيقونة الخصب المتجدد ما دام القمر يسحر العاشقين ، وما دامت الشمس تجري في فلكها الدوّار ، بلا انتظار .
فإذا ظننت هواي فيك تفرّداً        أدركتُ كم لي في الأنام مثيلا !
     هي ملهمة الأدباء ، ومدرجة الإبداع ، وقيثارة الشعراء ، منذ أن تربعت على تلة الحضارة مع انبثاق التاريخ ، تضاحك الشمس في الصباح على حافة الصحراء ، ولهذا ، تجد أنفاسها الحرّى تجري في ( مزامير داوود ) وعصافيرها تزقزق على ألحان أوغسطين لاما ، وتلحظ طرقاتها تجري مع أقدام جبرا إبراهيم جبرا في بئره الأولى !
يا بيت لحم أبث فيك صبابة         شعراً يساجل لحنه الأرغـــــولا
     هي بيت لحم إذن ! حيث يبدأ التاريخ من جديد ، وتعيد أنهار الفكر ترقرقها ، وتبشر أيائل الحضارة بموسم خصب آخر ، فتخطُّ يد الهداية خريطة المجد ، وترسم ريشة الإيمان أيقونة السلام ، وتنشد حناجر المؤمنين نشيد المسرّة .
أولستِ من هدت الخليقة حينما      أمست تلاحق أفقها المجهولا؟!
     في بيت لحم ينير سراج السماء فجاج الأرض ، وتمتزج الثريا بالثرى ، وترى نجوم السماء تتقافز بين أقدام الصبايا الجميلات ، وتتبدى الملائكة لتعلن بشارة الأمل ، وتتقدم النبوة لتخرج من عباءة الطهارة .
لله درك كيــــف بددت الدجـــى       وكشفت ستر الظلمة المسدولا
حين ارتضاك الله أرض طهارة       فأتتك مريم للمخاض بتـــــولا!
     على تراب بيت لحم ، يمكن لوالدة ضعيفة أن تهزّ إليها بجذع النخلة لتساقط عليها رطباً جنياً ، فتتذوق حلاوتَها البشريةُ على مدى الأزمان ! وفي مغارتها أيضاً يمكن أن يسدل الله ستار حفظه ، وحجاب أمنه ، على رضيع في مذوده ، ترتجف عليه والدته خوفاً من بطش هيرودس ، فيباركه الله ببركته ، ويجعله هو وأمه آية للعالمين !
هذا المسيح مبارك في مهــــده      والله بارك في الورى الإنجيــــلا
     وفي بيت لحم أيضاً ، تقرأ سفراً يروي فيه التاريخ أحداثاً وردية كحكايات الجدّة للأطفال ، عن رهبان يدعون الفاتح ليصلي في كنيستهم ، فيخشى عليها من عسف أتباعه في قادم الأعوام ، كما تقرأ في سفرها هذا عن كنيسة تهب الأرض لمسجد كي يجاورها بسلام ووئام !
وغدوت أرض المهد دار تعايش     حتى وإن قرع الغزاة طبـــــــولا
      وفي ساحات بيت لحم ، وأزقتها العتيقة ، يمكنك أن تتفيّأ رغم قسوة الزمان ظلال الأمن والأمان ، وأن تتنفس إن جئتها شريداً طريداً الصعداء ، وما تلبث أن تحتويك وتحتويها ، فتسري فيك ، وتتشبث بها ، فتصبح قبل أن يرتد إليك طرفك واحداً من أهلها !
كم جاء ساحـك خائف فأجرتـــه      وحضنت في ظل الأمان نزيـــــلا
       هي ذي بيت لحم ، لها وبها ومنها وفيها السلام !




رابط جريدة الحدث المصورة :
http://www.alhadath.ps//files/image/2016/12/20/Alhadth-Issue76.pdf

الجمعة، 16 ديسمبر 2016

الشاعر شريم يشارك الأدباء التوقيع بمكتبة بيت جالا

     شارك الشاعر محمد شريم عدداً من الكتاب والشعراء حفل التوقيع الجماعي الذي نظمته جمعية رعاية الطفل في بيت جالا في مكتبة بلدية بيت جالا العامة عصر أمس الخميس 15/12/2016 بحضور رئيس البلدية نيقولا خميس ومسؤولي الجمعية والمكتبة وجمع من المهتمين .
     وقد تحدث الشاعر شريم  في المدّة المخصصة له خلال اللقاء بإيجاز عن مسيرته الإبداعية الطويلة ، الممتدة منذ العام 1979 وحتى إصدار كتابه ( جواهر الحكمة في نظم كليلة ودمنة ) في العام 2015 للميلاد .





الأربعاء، 14 ديسمبر 2016

هل تحقق لنا ( الغدُ ) و(مجدهُ المُخلَّدُ ) ؟

هذه المقالة ضمن سلسلة المقالات التي تحمل اسم ( إشارة ) والخاصّة بجريدة ( الحدث ) الفلسطينية الورقية نصف الشهرية ، وقد نشرتها الجريدة في نسختها الإلكترونية بتاريخ اليوم  14/12/2016 م .

------------------------------------------------------------------------------------------
* يمكن قراءة المقالة عن موقع ( الحدث ) من خلال الضغط على الرابط الوارد أسفل هذا المنشور *
------------------------------------------------------------------------------------------

هل تحقق لنا ( الغدُ ) و(مجدُهُ المُخلَّدُ ) ؟ 

                                            بقلم: محمد شريم


           كم كنا نشعر بالسعادة والفخار ، والأمل في المستقبل ، ونحن ننشد في الصفوف المدرسية الدنيا النشيد ( نحن الشباب ) ! ذلك النشيد  الذي كتبه الشاعر اللبناني بشارة الخوري ( الأخطل الصغير ) في منتصف القرن الماضي ، ورددته من بعده الأجيال العربية من المحيط إلى الخليج حقبة من الزمن ، بل إنها ما زالت تردده !
         ( نحن الشباب لنا الغدُ ، ومجدُه المُخلّدُ ) ، هذه الكلمات ما زالت باقية ، خالدة  في نفوسنا والذاكرة ، ولكن هل تحقق لنا ( الغدُ ) الموعود و( مجدُهُ المُخلّدُ ) ؟ أشك في ذلك ، كما يشك الكثيرون من الذين أنشدوا معي . لماذا ؟ لأن المتأمل في حال الأمة المتردي في كافة المجالات والميادين في هذه الأيام ـ وهي الغد الذي وعدنا به النشيد ـ  يدرك أن هذا ( الأمل ) لم يتحقق و( المجد ) لم يُخلَّد . فما السبب في ذلك يا ترى ؟ يعود السبب ـ كما أرى ـ إلى عوامل عدة لا مجال لذكرها الآن ، ولكنني سأشير إلى عامل واحد منها ، وهو موضوع حديثنا في هذه المقالة .
        إن أولي الأمر في ذلك الحين ، وإن تنبهوا إلى وضع النشيد في مقرراتنا المدرسية ، فإنهم قد اكتفوا بذلك ، ولم يعملوا بموجبه ، أي أنهم لم يعدّوا الشباب ليكونوا هم بناة المستقبل ورافعو لوائه ، وأنا هنا لا أغفل التعليم الذي حرصت عليه الحكومات بحده الأدني وضمن الإمكانيات المتاحة ـ إذا التمسنا لها العذر ـ ولكن ما أقصده هنا هو أنها لم تشجع المتعلمين ، الشباب ، على صقل مواهبهم ، ولم تقم بتوفير الإمكانيات اللازمة لذلك ووضعها تحت تصرفهم ، حتى يستطيع كل واحد من هؤلاء الشباب تنمية مواهبه والعمل ضمن قدراته ورغباته ، وهل من طريقة لاستخراج أجمل وأعظم ما في الإنسان من الإبداع والعطاء تفوق تحفيزه على توظيف قدراته الذهنية والنفسية والجسدية في سبيل تحقيق هذا الإبداع ؟
        وإذا آمنا بعدم جدّية هذه الحكومات في رعاية مواهب الشباب ، كما يجب ، فإن هذا يقودنا إلى التساؤل عن السبب الذي لأجله لم تقم الحكومات ـ أو لم تشأ أن تقوم ـ برعاية هذه المواهب وتوظيفها في خدمة الوطن والأمة ، بشكل ناجع ، ولكن الإجابة عن هذا التساؤل تستلزم دراسة كاملة يشارك فيها سياسيون ومؤرخون وتربويون وخبراء في الاقتصاد وعلماء في الاجتماع ، وليس مقالة كهذه ، ولكن على الرغم من ذلك فإنني أقول إن عدداً من الأسباب قد اجتمعت ، وما زالت تجتمع ، بشكل جزئي أو كلي ، لتحرف الحكومات عن تبني استراتيجية رعاية مواهب الشباب ، رعاية جدية ، وهذه الأسباب منها ما أساسه اقتصادي ، ومنها ما أساسه سياسي ، ومنها ما أساسه اجتماعي أو ثقافي ، ومنها ما أساسه هو ( أكبر الكبائر ) في مجال نمو المجتمع وتطوره ألا وهو الفساد .
        ولكن إذا تحققت المعجزة ، وبحثت الحكومات العربية ـ أو غيرها ـ عن السبل المناسبة لرعاية هذه المواهب ، فكيف يتأتى لها ذلك ؟
      إن رعاية المواهب تبدأ مع الصغير منذ الطفولة ، فقد ولى ذلك الزمن الذي تبدأ فيه شاعرية الشاعر بعد سن الستين ، فالموهبة كالقطار من لم يركبه في المحطة الأولى فليس من المضمون أن يتمكن من الصعود إليه في محطة لاحقة ، وإن حدث ذلك فإن راكبه يفقد متعة الانطلاق والقدرة على أن يحيط بكافة تفاصيل الرحلة ، وقد قال العارفون : رعاية الشجرة منذ الصغر أفضل من تعهدها بالرعاية بعد أن تبلغ الكبر .
       ولكن حتى تبدأ رعاية الدولة لمواهب أبنائها هؤلاء وصقلها ، منذ الصغر ، ابتداء من  مرحلة الطفولة ، ومن ثم في مرحلة الشباب ، فإنه يجب أن يتوفر لديها عنصران رئيسان ، الأول منهما الأساس للثاني : الإرادة والإدارة . فإذا توفرت الإرادة حسُنت الإدارة ، وإذا حَسُنت الإدارة فإنها ستُحسن وضع الخطة ، فإذا أحسنتْ وضع خطة عملها ، فسيسهل عليها توفير المال والمتطلبات البشرية والمادية اللازمة للعمل والإنجاز .
      وحتى تتوفر لدينا هذه الإرادة وتلك الإدارة ، سيبقى أبناؤنا يُنشدون ، كما أنشدنا نحن من قبل : ( نحن الشباب ) ، ولكن لن يتحقق لهم ( الغدُ ) المرتجى ، ولن يتحقق ( مجدهُ المخلدُ ) كما هو مأمول !
------------------------------------------------------------------------------
رابط موقع الحدث :
   http://www.alhadath.ps/article/49294/%D8%A5%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D9%87%D9%84-%D8%AA%D8%AD%D9%82%D9%82-%D9%84%D9%86%D8%A7-(-%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%AF%D9%8F-)-%D9%88-(-%D9%85%D8%AC%D8%AF%D9%8F%D9%87-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8F%D8%AE%D9%84%D9%91%D9%8E%D8%AF%D9%8F-)-%D8%9F-%D8%A8%D9%82%D9%84%D9%85--%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D9%85
 

الأربعاء، 7 ديسمبر 2016

إشارة : كيفَ يُصنع اللصوص ؟!

هذه المقالة ضمن سلسلة المقالات التي تحمل اسم ( إشارة ) والخاصّة بجريدة ( الحدث ) الفلسطينية الورقية نصف الشهرية ، وقد نشرتها الجريدة في عددها الذي يحمل الرقم ( 75 ) الصادر في 6/12/2016 ـ الصفحة 19 ـ وفي نسختها الإلكترونية بتاريخ  7/12/2016 م .
( يمكن قراءة المقالة عن الجريدة المصورة من خلال الضغط على الرابط الوارد أسفل هذا المنشور ) 
------------------------------------------------------------------------------
     بادئ ذي بدء ، وقبل أن أبدأ كتابة ما أريد التعبير عنه من خلال هذه السطور ، أودّ أن أنوّه إلى أمرين : الأمر الأول أن اللصوص الذين تتحدث عنهم هذه المقالة ليسوا أولئك الذين يسرق الواحد منهم رغيف خبز أو خزانة مصرف فقط ، ولكن المقصود بهذا التعبير هو كل من أخذ شيئاً ليس من حقه بالنهب أو بالسلب أو بالغصب أو بالسطو في غفلة من صاحب الحق ، أو في غيبة القانون أو بالتحايل عليه ، وفي إطار هذا التحديد ، فإن كل من يتعدّى على أموال الناس العامة أو الخاصة ، أو على أعراضهم أو حرياتهم المشروعة أو مؤسساتهم وما فيها من الوظائف هو في عداد اللصوص . أما الأمر الثاني ، فهو أنني أتحدث في هذه السطور عن اللصوص أينما وجدوا ، وإنه إذا وجد في وطننا الصغير ، أو في وطننا الكبير مَن على رأسه ريشة فلا داعي لأن يمسح رأسه ، وللريشة هذه حكاية سأذكرها في نهاية هذه المقالة .
     تمرُّ صناعة اللصوص في المجتمعات بمرحلتين : المرحلة الأولى هي توفير البيئة الحاضنة التي تساعد على تنامي اللصوصية وانتشار اللصوص ، وهذه المرحلة لها مظاهر منها تأليه الطواغيت ، وكثيراً ما تصنع الشعوب طواغيتها بيديها ، وأستذكر مقولة الرئيس البوسني ـ في حينه ـ بيجوفيتش عندما وصل ليصلي الجمعة متأخراً ، فأفسح له الناس الطريق إلى الصف الأول ، وعندما وصله استدار ليخاطبهم بغضب : ( هكذا تصنعون طواغيتكم ! ) ، فإذا كان إفساح المجال للصلاة يصنع الطواغيت فما بالُنا بإفساح المجال أمام من يتقدم الصفوف لقيادة الجيش مثلاً عن غير جدارة أو استحقاق ؟! وعندما يتم تأليه الطاغوت من الطبيعي أن يُغيّب القانون ، فكلامه هو القانون ، وإرادته هي الشريعة ، فإذا تم تغييب القانون انتشر الفساد ، لأن طريق الصلاح التي يحددها القانون قد اختفت معالمها ، وإذا انتشر الفساد سادت المحسوبية ، وسيادة المحسوبية تؤدي بالتأكيد إلى ضعف الإدارة لأن الأمر يُسند إلى غير أهله ، وهذا ما يؤدي إلى سوء التخطيط ، وسوء التخطيط يقود الدولة إلى الفشل ، وفشل الدولة يهبط بالجماهير إلى درك الإحباط وفقدان الأمل ! 
      أما المرحلة الثانية ، فتبدأ منذ أن تفقد الجماهير الأمل ، فإذا فقدت الأمل تكون أمام خيارين : إما أن تنقض ( العهد ) الذي بينها وبين الدولة ـ الخدمة مقابل الولاء ـ كما نقضه الطاغوت من قبل ، وهذا ليس موضوع حديثنا في هذا السياق ، أو أن يتجه كل واحد من هذه الجماهير إلى ما يمكن أن نسميه ( الخلاص الفردي ) ، أي أن يبحث عن حل مشكلاته وتحقيق غاياته بنفسه ، وأنا هنا أصف ولا أبرر ، فيجد الكثير من أفراد المجتمع أنفسهم منقادين إلى التزلف لأصحاب القرار ، وبيع الذمة لأهل النفوذ ، كما ينقادون إلى منح الولاء المطلق لأصحاب الولاية ، ومنح الولاء على هذا النحو يؤدي بالطبع إلى تثبيت الطاغوت ، وبهذا تكتمل الدائرة ، ويبقى المجتمع يسير في حلقة مفرغة ، فيصل مجتمع كهذا إلى النتيجة المتوقعة ، أو الصناعة الرائجة ، ألا وهي صناعة اللصوص بجميع طبقاتهم وبمختلف تخصصاتهم .
       ونعود إلى حكاية الريشة التي أشرت إليها في بداية المقالة . يُحكى أن رجلاً كان يربّي الإوز جاء إلى النبي سليمان يشكو إليه جاراً يسرق من إوزه ولا يعرف السارق ، فأمر النبي سليمان أن ينادى : الصلاة جامعة . فحضر الناس للصلاة دون أن يتخلف أحد ، فوقف النبي سليمان على المنبر وقال : إن أحدكم يسرق إوز جاره ثم يدخل المكان والريش على رأسه ، فمسح السارق رأسه ، فقال النبي سليمان : خذوه فهو صاحبكم ! 
------------------------------------------------------------------
رابط جريدة ( الحدث ) المصورة :
http://www.alhadath.ps/…/image/2016/12/6/Alhadth-Issue75.pdf

الأربعاء، 30 نوفمبر 2016

الكاتب الهندي محمد كوتي يتصفح ( جواهر الحكمة في نظم كليلة ودمنة ) للشاعر محمد شريم في إحدى مكتبات دبي .


 الكاتب والمترجم الهندي محمد كوتي يتصفح كتاب صديقه الشاعر الفلسطيني محمد شريم ( جواهر الحكمة في نظم كليلة ودمنة ) في إحدى مكتبات دبيّ .
_________________________________

نبذة عن الأستاذ الكاتب محمد كوتي :

( ماموتي كاتاياد( الاسم الكامل: محمد كوتي محي الدين الثقافي تونيكادافان من مواليد 1970 ومنسوب إلى مسقط رأسه قرية كاتاياد في ولاية كيرالا الهند، بدأ تعلّم العربية والعلوم الدينية في مساجد إقليم مالابورام المليبارية بعد الدراسة الثانوية في المدارس المحلّية ، واستمرّ فيها مدّة ثماني سنوات وتخرّج من جامعة مركز الثقافة السنّية بكاليكوت عام 1995م، وحصل على بكالوريوس في التاريخ والاقتصاد من جامعة كاليكوت عام 1993 ، واشتغل معلّما في مدارس المركز حوالي سنتين وسافر إلى المملكة العربية السعودية عام 1997 للعمل فاشتغل في شركة خاصّة في عاصمتها الرياض كمشغّل للحاسوب فترة أربع سنوات متوالية ، وكتب فيها شرح قصيدة ( البردة ) وكتاب ( تيسير علم الصرف ) ووصل  دولة الإمارات في 2002م وانضمّ إلى مكاتب الطباعة في مدينة دبي وشركة مجموعة باريس الشارقة واستمر في العمل خمس سنوات كمدخل بيانات وكاتب علاقات عامة ، ثم التحق عام 2008 بمعهد التشكيل الفني بدبي كمساعد إدراي وأكمل فيها ثماني سنوات. يقضي من ساعتين إلى خمس ساعات ـ ما عدا الدوام ـ يومياً في المطالعة والتأليف ، وألّف أكثر من 10 كتب، 7 منها نشرت واثنان في مرحلة البحث عن ناشر ينشرها.

 الكتب المنشورة: (1) شرح وترجمة قصيدة البردة للبوصيري بالعربية والمليبارية (2) قصص عشرة من الصحابة في ملايالام (3) ترجمة ديوان الإمام الشافعي وشرح ألفاظه  باللغتين العربية والمليبارية (4) ترجمة ( العواصف ) وهي رواية لجبران خليل جبران إلى ملايالام (5) مجموعة شعرية من ثلاثين قصيدة مترجمة من الشعر المقاوم في العالم العربي الحديث (6) ترجمة مسرحية ( الحجر الأسود ) لصاحبها الشيخ سلطان القاسمي حاكم الشارقة وقامت بنشرها منشورات القاسمي بالشارقة، كما ألف الكاتب كوتي أكبر كتاب في جمع قصص بانجاتاندرا وحكايات ( كليلة ودمنة ) ، مع دراسة مقارنة لكن لم يجد حتى الآن من ينشرها ، وهو يعمل على ترجمة هذا الكتاب إلى اللغة الإنجليزية ، أما كتابه الأخير فهو ترجمة وشرح قصيدة بانت سعاد في ملايالام ، ومختارات من الشعر حول موضوع حياة الغرباء بلغته الأمّ وسوف يصدر في الشهر القادم إن شاء الله .

الثلاثاء، 29 نوفمبر 2016

إشارة : أرشيفنا الصحفي ، هل يرى النور ؟

هذه المقالة ضمن سلسلة المقالات التي تحمل اسم ( إشارة ) والخاصّة بجريدة ( الحدث ) الفلسطينية الورقية نصف الشهرية ، وقد نشرتها الجريدة في نسختها الإلكترونية بتاريخ  29/11/2016 م .

______________________________________________________________

إشارة: أرشيفنا الصحفي، هل يرى النور؟ 

                                               
                                               بقلم: محمد شريم


في كثير من الأحيان ، عندما يُسأل أحد الأدباء أو العلماء أو المفكرين عن بعض النصوص التي كتبها فإنه يجيبك بحسرة وألم أنه فقدها لهذا السبب أو ذاك ، وقد يشير إلى أن النصّ منشور في هذه الصحيفة أو تلك المجلة ، وهو الأمر الذي يحدث معي أحياناً ، ولهذا خطر ببالي أن أكتب هذه الإشارة ، وفي هذه الحالة ـ في العادة ـ لا يكون أمام الباحث عن هذا النصّ سوى أحد أمرين : إما أن يتجشّم عناء الذهاب إلى مقرّ الجريدة أو المجلة نفسها ليبحث في أرشيفها عن ضالته ، أو أن يذهب إلى إحدى الجامعات أو المؤسسات المعنية بالدراسات ، للبحث في مكتباتها ـ إن أحسنت الأرشفة ـ عن النصّ المطلوب ، لعلّه يحظى بالعثور على طلبته التي قد تساوي بالنسبة له في ذلك الحين وزنها ذهباً !

وعلى الرغم من حرص معظم الصحف والمجلات على أرشفة نسخ من أعدادها ، وهو الأمر الذي من المتوقع أن تحرص عليه مراكز الدراسات والبحث لأن محتويات هذه الصحف والمجلات تقع في صميم عملها، إلا أن هذه الأرشفة ما زالت وفق النمط التقليدي، كما أعلم ، أي أنها تقوم على حفظ نسخ ورقية من هذه المطبوعات، على شكل رزم مجلّدة ، أو أنها تنسخها على الشرائح ( الميكروفيلمية ) ، وهذه الطريقة في الأرشفة ، على الرغم من أهميتها من جانب، إلا أنها من جانب آخر أصبحت في وقتنا الحاضر أقل مجاراة لتطور العصر الذي شهد الأرشفة الإلكترونية.

فللأرشفة الإلكترونية إذا ما أمعنّا النظر وأجدنا المقارنة مميزات  تفتقر إليها الأرشفة التقليدية ، ومن مميزاتها أنها تحفظ الملفات والوثائق من الضياع ومن التلف الذي كثيراً ما يكون في الأرشيف التقليدي ، كما أن الأرشفة الإلكترونية توفر للباحث إمكانية البحث عن أي ملف أو مستند بشكل ميسّر ، وبأكثر من طريقة ، فبإمكانه مثلاً أن يبحث عن وثيقته المطلوبة عن طريق الاسم أو الموضوع أو الرقم أو غير ذلك . كما توفر هذه الطريقة إمكانية الاسترجاع السريع والمباشر لأي ملف أو مستند ، وإضافة إلى ذلك فإن هذه الطريقة توفر للجهة القائمة على الأرشفة إمكانية حفظ أكثر من نسخة من المواد المؤرشفة على سبيل الاحتياط .

إن من الخطأ النظر إلى الصحف والمجلات على أنها ناقلة أخبار وناشرة أفكار وعارضة تحليلات وإعلانات فقط ، إنها وإن كانت كذلك في لحظتها ، إلا أنها في قادم الأيام تصبح حافظة لتاريخ شعب وسجلاً لمسيرة أمة ، ولهذا من الواجب علينا جميعاً أن نحرص على أرشفة هذه المطبوعات بالطريقة المواكبة للعصر ، وذلك لحفظها من الضياع من ناحية ، ولتيسير وصول الباحثين والدارسين والمهتمين إليها من ناحية أخرى .

من المؤسف أنني قبل أيام حاولت أن أبحث عن نصّ يخصّني في أحد الأعداد القديمة من مجلة ( فلسطين الثورة ) ، فبحثت على شبكة ( الإنترنت ) لعلّي أجد نسخاً مصوّرة من أعداد المجلة ( pdf )، أو أرشفة إلكترونية بأية طريقة كانت ، فلم أجد ، فأردت أن أبحث عن أخواتها من المجلات والصحف ، فبحثت عن ( الهدف ) ، ( الحرية ) ، ( الجديد ) و (الاتحاد) الحيفاويتين ، ( الطليعة ) و ( الفجر ) المقدسيتين ، لعلّ بعضها يكون أوفر حظاً من ( فلسطين الثورة ) ، فوجدت الجميع منها في سوء الحظ سواء ، وهذا ما أكده لي أصدقاء من كبار الإعلاميين كنت قد لجأت إليهم لإسعافي برابط للبحث يقود إلى أي منها ، بعد أن باءت جهودي الذاتية في الوصول إلى أي رابط من هذا القبيل بالفشل !

إنني أعرف أن نصيب الثقافة من الميزانيات والاهتمامات في هذه الأيام في بلادنا هو نصيب ( الأرنب الوديع ) ، وليس ( الأسد المفترس ) ، ولكن أن يصل الأمر إلى الإبقاء على حجب تاريخ شعبنا ومسيرته الثقافية والسياسية والاجتماعية بإهمال هذه المطبوعات المتمثل بعدم أرشفتها وعرضها على شبكة الإنترنت ليتصفحها الباحثون والدارسون والمهتمون والمعنيون ، فهو أمر غير مبرر على الإطلاق ، فإن وقع قليل اللوم ، أو كثيره ، على الجهات الرسمية لإغفالها الأمر ، فإن اللوم الأكبر هو على الجهات التي كانت تصدر هذه المطبوعات ، لأنها توشك ـ بحجب أرشيفها ـ أن تجعل من تاريخها الذي تشتمل عليه تلك المطبوعات هباء منثورا!

لقد آن الأوان لأن تفرجوا عن أرشيف صحافتنا الوطنية كي يرى النور!   
------------------------------------------------------------------------------
لقراءة المقالة من الحدث الإلكتروني يرجى البحث باستخدام هذا الرابط :
 http://www.alhadath.ps/article/48573/%D8%A5%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D8%A3%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D9%81%D9%86%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81%D9%8A%D8%8C-%D9%87%D9%84-%D9%8A%D8%B1%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D8%B1%D8%9F-%D8%A8%D9%82%D9%84%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D9%85

الدكتور عوض : ما فعله الشاعر شريم لم يفعله أحد من أيام العباسيين

     

مقالة الإعلامي والأديب والأكاديمي الدكتور أحمد رفيق عوض التي تحدث فيها عن كتاب ( جواهر الحكمة في نظم كليلة ودمنة ) للشاعر محمد شريم ، والتي نشرها موقع ( دنيا الوطن ) في تاريخ 24/11/2016: 
-----------------------------------------------------------------------------------------

    الدكتور عوض : ما فعله الشاعر محمد شريم لم يفعله أحد منذ أيام العباسيين حتى يومنا هذا .

    الدكتور عوض : أقوى ما في هذا الكتاب هو شعرية شريم الباذخة والثرية, فهو آلة موسيقية لا تكف عن العزف, وقاموس ضخم لا ينتهي لكثرة الغرف, لا يستصعب السرد نظماً ولا يتكلف المعاني ترتيباً وعرضاً, ولا ترهقه القوافي ولا حروف الرويّ, ولا تنهكه الحكاية ولا تهلهله الرواية, شعره صافٍ رقراق سهل وكثير وفائض
-----------------------------------------------------------------------------------------

                  

            الشاعر محمد شريم في نظمه لكليلة ودمنة  


                                                              د. أحمد رفيق عوض


       ما فعله الشاعر محمد شريم لم يفعله أحد منذ أيام العباسيين حتى يومنا هذا, فقد تصدى لمهمة صعبة وغير معهودة في وقتنا الحاضر, حيث حلت تجليات الفيس بوك وتوتير محل الكتب, أما هذا الفيس بوك وكذلك التوتير وغيرها من ابداعات التكنولوجيا, التي عرفنا والتي سنعرف, فقد سرّعت وسطّحت وجرّأت وبسّطت وخلّطت وأوهمت ووهمّت ورفعت وحطت, فصارت الثقافة نوادر وفكاهات, وحلت الصورة محل الفكرة, وحلت السلعة محل الثقافة, وصارت الوسيلة أهم من الرسالة, ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم, ولكن هذا ليس موضوعنا, موضوعنا هو ما فعله الشاعر محمد شريم من قيامه بنظم وضبط وتدقيق وشرح وتصنيف كتاب عبد الله بن المقفع الموسوم بعنوان "كليلة ودمنة", أي حوّل هذا الكتاب الغني والثري والنثري إلى قطعة مستقية شعرية غاية في الأناقة والأناة والصبر والقُدرة على الحفر.
      وهذا فعل ينم عن جرأة محسوبة ومعرفة كامنة بالتحدي الكبير, فكتاب كليلة ودمنة كتاب صعب, إذ يتميز بالسرد المتداخل والحكاية المدورة والاسترسال في الكلام, كما أنه نص موارب ومخاتل وفيه مستويات, إذ تحتوي حكاياته وقصصه وحكمه على الكثير من الإشارات والرموز التي قُتل الكاتب بسببها, فقد كان ابن المقفع شعوبياً أو معارضاً للحكم العباسي, وكِلا الأمرين خطير, وفيهما تعريض حقيقي وظاهر بالحكم العباسي وبالعرب والثقافة العربية, كان الرجل صاحب فكر سياسي وفلسفي وجدلي, حسب مواصفات المثقف في ذلك الزمان, حيث كانت بغداد عاصمة الدنيا, ثقافة وعلماً وسياسة, وليس هذا فقط, فلغة الكتاب صعبة ومتداخلة وكثيرة الضمائر وكثيرة الاستعارات والجملة طويلة ومعقدة, ونشعر للحظة أنها تملى ولا تكتب, ففيها تكرار وفيها مرادفات واستعارات ومجازات, ولا عجب, فالنص كما ادعي, هو مليء بالإشارات والرموز المكثفة, ورغم ذلك, فإن الشاعر محمد شريم, وبطريقة بالغة الذكاء, بالغة البساطة, وبالغة الجمال والأناقة, جردّ الكتاب من كل ما حوله من شوائب وإشارات ورموز, واكتفى بظاهره فقط, اكتفى بالحكاية الممتعة المليئة بالدرامية والحركية والإثارة, ليصل إلى "جوهر الحكمة", وبرأيي أن ذلك أنقذ كتاب الشاعر محمد شريم من الاشكالات والاشكاليات, ذلك أن أقوى ما في هذا الكتاب هو شعرية شريم الباذخة والثرية, فهو آلة موسيقية لا تكف عن العزف, وقاموس ضخم لا ينتهي لكثرة ألغرف, لا يستصعب السرد نظماً ولا يتكلف المعاني ترتيباً وعرضاً, ولا ترهقه القوافي ولا حروف ألرويّ, ولا تنهكه الحكاية ولا تهلهله الرواية, شعره صافٍ رقراق سهل وكثير وفائض, وإن شابته رخاوة هنا أو ترهل هناك, فهو لضرورة الضرورة, وعندما يقول الشاعر أنه أنفق أحد عشر عاماً في وضع هذا الكتاب, فإن ذلك ظهر في الروية والصبر والأناقة والإيضاح والشرح والتصنيف والتبويب والشاعرية الراسخة والشعر المستوي والأنيق.
      وأعود لأقول أن الشاعر شريم الذي نظم كليلة ودمنة بهذا الشكل القريب والجميل والمموسق, إنما يقدم اقتراحاً جمالياً وتربوياً ولغوياً للأجيال الصغيرة في المدارس والجامعات, حيث يحفظ الشعر ويتم تذوقه من جديد, وحيث يستعين بعضاً من مكانته وقوته وشروطه التي تم الاجتراء عليها من خلال قصائد الفيس بوك, حيث كلنا شعراء ولكننا لا نعرف من هو محمود سامي البارودي أو الجواهري أو البردوني, وحيث للشعر جلال ومهابة وقانون وموسيقى, وحيث الشعر صناعة حقيقية كما هو طبع حقيقي.
        محمد شريم بهذا الكتاب يعيد إلينا ما فقدناه من نماذج المعرفة والصبر وحكمة الشعر وشعر الحكمة, نهاية أقول, شكراً لك أيها الشاعر, لقد أهديتني هدية أفرحت قلبي ومتّعت وجداني, شكراً لك.

------------------------------------------------------------------
المزيد على دنيا الوطن .. http://www.alwatanvoice.com/arabic/news/2016/11/24/993203.html#ixzz4ROC3hO1K
Follow us: @alwatanvoice on Twitter | alwatanvoice on Facebook

الأربعاء، 23 نوفمبر 2016

قراءة الشاعر شريم لكتاب الباحث عزيز العصا : ( فلسطينيو 48 ..)

     قراءة الشاعر محمد شريم لكتاب الباحث عزيز العصا ( فلسطينيو 48 : اتفاق على الوطن .. اختلاف على التسميات ) كما نشرتها جريدة (الحدث) في نسختها الورقية ( العدد 74 ، ص16) وعلى موقعها الإلكتروني ، وذلك يوم الثلاثاء 22/11/2016 .

وهذه القراءة هي النصّ الذي عرض من خلاله الشاعر كتاب الباحث العصا على الجمهور في حفل إشهار الكتاب ، مع بعض التصرف ، لضرورات النشر الورقي الفنية .

----------------------------------------------- 

عزيز العصا يتفق معهم في الوطن، ويرصد اختلافهم على التسميات/ بقلم: محمد شريم

فلسطينيو 48

الكتاب الذي نحن بصدد الحديث عنه، هو كتاب بعنوان: "فلسطينيو1948: إجماع على الوطن.. اختلاف على التسميات" لمؤلفه "عزيز العصا"، الصادر عن دار الجندي للنشر والتوزيع في العام 2016. ويتألف الكتاب من (300) صفحة من القطع الكبير، يتوزع على خمسة فصول.

بالاطلاع على هذا الكتاب، وجدته يتصف بقدر كبير من الجاذبية والتشويق؛ وذلك لغرابة الموضوع الذي يناقشه واختلافه عن العناوين المألوفة في الكتب التي تناقش الحالة السياسية والتاريخية للقضية الفلسطينية، وإن موضوع الكتاب، وفق ما يوحي به العنوان الذي يحمله على الأقل، يناقش مسألة هي جزء من تفكيرنا السياسي واهتمامنا الوطني، ألا وهي التسميات التي أطلقت على أبناء الشعب العربي الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 1948 بناء على اعتبارات (سياسية وجغرافية ولأهداف خاصة بالاحتلال)، ولكن وعلى الرغم من كون هذه التسميات جزءاً من تفكيرنا، فإنه لم يتأت لأي من الباحثين، أو فلنقل لم يدر في خلد أي منهم، أن يضع هذا الموضوع المهم على بساط البحث في كتاب مستقل كما فعل الباحث العصا.

يتناول الباحث العصا في الفصل الأول من كتابه أوضاع فلسطين من القرن التاسع عشر إلى عصر النكبة، متحدثاً عن الأحوال التي سادت البلاد في عهد الولاية العثمانية والاستعمار البريطاني وما رافق هذه المرحلة من أطماع من قبل القوة الحاكمة، مروراً بالحركة الصهيونية في الفترة العثمانية ومشروعها المتعلق بالدولة اليهودية، وتوظيف هذه الحركة للديانة اليهودية في خدمة مشروعها الاستعماري. كما يتحدث المؤلف عن مواجهة أبناء الشعب الفلسطيني لهذه التطورات في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، مبيناً العلاقة بين الانتداب البريطاني كحركة استعمارية والعقيدة الصهيونية، وقد أكد المؤلف في هذا الفصل مقاومة أبناء الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة للانتداب البريطاني من ناحية، وللحركة الصهيونية من ناحية أخرى، وفي نفس الوقت.

أما الفصل الثاني من هذا الكتاب ، فيتحدث فيه المؤلف عن الظروف التي أحاطت بالشعب العربي الفلسطيني خلال النكبة وما بعدها، مناقشاً النكبة من حيث مفهومها ودلالاتها، ويتحدث عن الحالة التي ألمت بالشعب العربي الفلسطيني بفعل النكبة، أو كما عبر عن ذلك المؤلف بقوله (كيف نكبَتْنا النكبة) . كما تطرق الباحث العصا في هذا الفصل من كتابه إلى إعداد الحركة الصهيونية لإيقاع النكبة بالشعب الفلسطيني وعن تنفيذ الهجوم الذي تبع مرحلة الإعداد، ليصل إلى وصف النكبة وهي في ذروتها، ونتائجها التي أفضت إليها.

ويمضي الباحث العصا بقارئه في الفصل الثالث إلى واقع النكبة المستمرّة، حيث أشار إلى مظهر من مظاهر هذه النكبة بالنسبة للعرب الفلسطينيين في المناطق المحتلة عام 1948، ألا وهو صراعهم المستمرّ دفاعاً عن الهوية المستهدفة، وعدّد المؤلف مراحل تطور الهوية التي مر بها هذا الجزء من الشعب الفلسطيني في صراعه دفاعاً عنها، مورداً التقسيمات التي عددها بعض الدارسين بهذا الخصوص، ثم يتحدث المؤلف في الفصل ذاته عن ملامح استمرار النكبة. ولا يغادر الكاتب هذا الفصل دون التطرق إلى المصطلح الذي يسعى الصهاينة إلى تكريسه كواقع قانوني وسياسي ألا وهو مصطلح (يهودية الدولة)، وهذا بالضرورة يعتبر جزءاً من صراع فلسطينيي 1948، والفلسطينيين بشكل عام على الهوية ــ آنف الذكر ــ وهو الأمر الذي ناقشه الباحث عزيز في نهاية هذا الفصل حينما تساءل: هل نعترف بيهودية الدولة؟

وفي الفصل الرابع الذي يحمل اسم: فلسطين: إشكاليات التسميات، وهو الاسم الذي أضفى ظلاله على الكتاب، من خلال العنوان الذي اختاره المؤلف للكتاب ككل، حتى يظنه القارئ هو موضوع الكتاب الوحيد، والحقيقة كما أرى أن الكتاب شامل للكثير من جوانب القضية الفلسطينية بشكل يتعدى الوقوف على إشكالية التسميات على أهميتها. حيث يعدد المؤلف في هذا الفصل التسميات التي أطلقت على فلسطين من الشعوب المختلفة منذ القدم ، كما يتحدث عن تسميات اليهود لفلسطين، والتسميات التي أطلقت على مدينة القدس، وعلى (الجزئيات الفلسطينية)، أي المناطق الإقليمية الناتجة عن واقع التجزئة، التي فرضها الاحتلال، وأنا في هذه العجالة لن أتطرق إلى هذه التسميات، تاركاً الأمر للقارئ الذي سيطالع الكتاب .

وإلى جانب ذلك يشير الباحث العصا في الفصل نفسه ( الرابع ) أيضاً ، إلى حقيقة انتقال المسميات من الجغرافيا إلى الإنسان، فيما يتعلق بأرض فلسطين المحتلة عام 1948، حيث يتحدث عن المحاور التي تتوزع عليها التسميات المستخدمة في الخطابات السياسية والإعلامية والأبحاث العلمية، وبعد أن يعددها المؤلف يُحَمِّل العرب والفلسطينيين جزءاً من المسؤولية عن هذه التسميات حين يقول: (يتبين مما سبق أن التسميات قد ذهبت في عدة اتجاهات. ويُعتقد أننا نحن السبب في ذلك بسبب تعاطينا معها دون التوقف، مُعمقاً، عند مدلولاتها) ص 208، ويقوم المؤلف بتعداد التسميات التي أطلقت على أبناء الشعب العربي الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 1948م، متطرقاً بشكل بحثي علمي موثق إلى الأسس التي أطلقت بناء عليها هذه التسميات من ناحية، وإلى الصراع الذي خاضه هذا الجزء من الشعب الفلسطيني ونخبُه السياسية والفكرية للتأثير في هذه التسميات، بحيث تستخدم مصطلحات تؤكد على الهوية الفلسطينية للجماهير العربية داخل الخط الأخضر.

أما الفصل الخامس، والأخير، فقد تحدث فيه الكاتب عن انعكاسات التسميات على فلسطينيي 1948 على المستويات السياسية والاجتماعية والثقافية والنفسية والوجدانية، كما تحدث عن التسميات من حيث أنها انعكاس لحالة العزل السياسي لأبناء هذا الجزء من الشعب الفلسطيني، ولم يغفل الكاتب في هذا الفصل عن أن يتطرق إلى تأثير اتفاقية أوسلو على هذه الفئة من أبناء شعبنا، وبعد ذلك ارتأى الباحث العصا أن يؤكّد ما توصل إليه من خلال دراسته ( أن هناك شيئاً راسخاً هو "الوطنية الفلسطينية" التي أثبتت وجودها وحضورها رغم المحن..) ص 234، ويؤكد الباحث عزيز في كتابه أن (من يبحث مع فلسطينيي ـ48 في شأن تلك التسميات يجد أن هناك ضيقاً يصيبهم، وهم يعبرون عن قلقهم على هويتهم ومستقبل وجودهم على أرض الآباء والأجداد) ص235، ويتحدث في هذا الفصل أيضاً بشيء من التفصيل مع ذكر بعض الأمثلة عن رد النخب السياسية والفكرية من فلسطينيي 48 على هذه التسميات، وعن موقف الرأي العام لدى هؤلاء الفلسطينيين منها.

في ختام هذا الفصل (الخامس) يستنتج الباحث عزيز العصا (أننا أمام شريحة من أبناء الشعب العربي الفلسطيني، الذين صمدوا في مواجهة أعتى قوة على الأرض، وتمتعوا بقدرة عالية على "الالتقاء مع الذات"، والمحافظة على الهوية) ص244، ويقترح المؤلف  (التحرك الجاد والفوري لتحقيق حالة من الرؤية المشتركة لصانعي القرار، والقائمين على مصالح شعبنا في فلسطين المحتلة عام 1948، باستخدام التسمية التي تحفظ لهم، أفراداً وجماعات، كيانهم المتمثل أيضاً بتسميتهم المنسجمة مع واقع حالهم ونضالهم اليومي في سبيل المساواة وتحصيل حقوقهم باعتبارهم يحملون الهوية الزرقاء) ص245.

بعد ذلك يصل بنا الباحث إلى خاتمة المطاف، أو خاتمة الكتاب، التي يتحدث فيها عن بعض جوانب تجربته في إعداد هذا البحث، والتي امتدت على مدى عامين من الزمن. ثم يورد في نهاية بحثه المصادر والمراجع التي استند إليها، والتي احتلت  مساحة اثنتين وعشرين صفحة من صفحات الكتاب، (ص251ـ 272) وهي متنوعة وتشمل كتباً ومجلات ونشرات ومذكرات ومواقع إلكترونية ومقابلات. ويختم، في نهاية الكتاب، بخمسة ملاحق، تعزز المعرفة لدى القارئ وتعمقها، كما تبين النصوص التي اقتبس منها المؤلف التسميات التي يناقشها.

وأخيراً أقول، بعد اطلاعي على هذا الجهد الكبير الذي بذله الباحث عزيز العصا في سبيل إعداد هذا الكتاب القيم، بما شمله هذا الجهد من بحث ودراسة وتصنيف وتأليف، وما استخلصه من النتائج وما قدمه من الآراء، فإنني أتمنى على مراكز البحث والدراسات ومكتبات الجامعات والمدارس والمراكز الثقافية في فلسطين، وغيرها، أن تهتم باقتناء هذا الكتاب لما له من الأهمية في توعية أبناء الشعب العربي الفلسطيني بالحالة الفلسطينية، منذ نشأتها في أواخر العهد العثماني إلى وقتنا الحاضر، بشكل مصدَّق موثّق، كما أتمنى على الجامعات أن تجعله جزءاً من المراجع التي تستند إليها في دراسة وتدريس الواقع الفلسطيني.

_____________________________________________
رابط النسخة الورقية المصورة :
http://www.alhadath.ps//files/image/2016/11/22/Alhadth-Issue74.pdf
رابط القراءة على الموقع الإلكتروني :
http://www.alhadath.ps/article/48253/%D8%B9%D8%B2%D9%8A%D8%B2-.



الثلاثاء، 22 نوفمبر 2016

الشاعر شريم في معرض دورتين للرسم والخط العربي للناشئين


في قاعة بلدية الدوحة بمحافظة بيت لحم يوم الإثنين 21/11/2016 أثناء مرافقة الشاعر محمد شريم لزوار المعرض الختامي لدورتين في الرسم والخط العربي نظمتهما وزارة الثقافة ومجلسها الاستشاري .

السبت، 19 نوفمبر 2016

الشاعر شريم يتحدث في إذاعة ( صوت فلسطين ) عن ( فلسطينيو 48) لعزيز العصا .

تسجيل حلقة (آخر كلام) حول كتاب فلسطينيو 48 لعزيز العصا بمشاركة الشاعر شريم

التسجيل الصوتي للحلقة الأخيرة من برنامج ( آخر كلام ) الثقافي الذي يقدمه الإعلامي المعروف أحمد زكارنة في إذاعة ( صوت فلسطين ) ، وهي الحلقة الخاصة بكتاب ( فلسطينيو 48 : إجماع على الوطن .. اختلاف على التسميات ) وقد تحدث فيها كل من مؤلف الكتاب الناقد والباحث عزيز العصا وشارك في الحوار كل من الشاعر محمد شريم والكاتب صالح أبو لبن . تاريخ الحلقة 13/11/2016 .

الأربعاء، 16 نوفمبر 2016

إشارة : من تواصل اجتماعي إلى تفاعل مجتمعي!

هذه المقالة ضمن سلسلة المقالات التي تحمل اسم ( إشارة ) والخاصّة بجريدة ( الحدث ) الفلسطينية الورقية نصف الشهرية ، وقد نشرتها الجريدة في نسختها الإلكترونية بتاريخ  15/11/2016 م .

______________________________________________________________

                                                 
من تواصل اجتماعي إلى تفاعل مجتمعي!


                                                                                                     بقلم محمد شريم
                                                          إشارة

جميعنا يعلم مدى تلك الثورة الإعلامية ( التفاعلية ) التي أحدثتها في المجتمعات المختلفة في السنوات الأخيرة ما اصطلح على تسميتها ( مواقع التواصل الاجتماعي ) ، حتى كان لها تأثيرها الجمّ في مناحي كثيرة من مناحي الحياة . فعلى المستوى الثقافي مثلاً ، نرى أن الشاعر أو الكاتب أو رجل الدين أو العالم في أي علم من العلوم قد ازدادت إمكانيات وصوله إلى الجمهور أفقياً ، أي أنه استطاع أن يزيد عدد جمهوره الذين يمكن أن يقرؤوا ما يكتب وهم الذين يمكن أن يزدادوا باطّراد في أقطار الدنيا ، وعمودياً حيث أصبح بإمكانه أن ينشر كمّاً متراكماً من النصوص المكتوبة أو المنشورات الأخرى بالمقدار الذي يحدده مداد قلمه وبنات أفكاره ، وبذلك تكون هذه المواقع قد تفوقت في هذا المجال على الصحافة المطبوعة التي غالباً ما تكون محدودة جغرافياً ، وعلى الصحافة المرئية والمسموعة أيضاً لاعتبارات عديدة .

وبناء على ذلك لا عجب في أن أضحت مواقع التواصل الاجتماعي عند الكثيرين هي الوسيلة الإعلامية الأولى التي يستقي منها الأخبار ، وتؤثر على أفكاره ومواقفه عند اتخاذ القرار ، وخاصّة أن هذه المواقع توفر للمرسل والمستقبل إمكانية التواصل المباشر بسهولة ويسر ، أكثر من أية وسيلة أخرى ، وهذا ما أكده المتابعون للانتخابات الأمريكية الأخيرة ، وأوردُ على ذلك مثلاً ، أن المرشح الجمهوري الفائز في الانتخابات ( ترامب ) عندما صرح برغبته في منع المسلمين من دخول الولايات المتحدة جاءته موجة عارمة من ( التغريدات ) التي شكلت أداة ضغط رئيسة عليه للتراجع عن تصريحاته .

إن هذا المثل ، وغيره من الأمثلة التي يمكن أن تساق ، يجعلنا نؤمن أن وسائل التواصل الاجتماعي ، وإن كانت انطلاقتها تتناسب مع هذه التسمية ، إلا أن هذه التسمية قد ضاقت عن أن تستوعب دورها الذي تقوم به في الحياة حاليّاً ، مع تطور هذا الدور على الصعيد الثقافي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي وغير ذلك من المجالات ، وبذلك فإنني أرى أن التسمية المناسبة لدورها قد تغيرت من مواقع ( التواصل الاجتماعي ) إلى ( مواقع التفاعل الاجتماعي ) أو ( التفاعل المجتمعي ) إن قصدنا الدّقة في الوصف ، فالتفاعل هو مصدر الفعل ( تفاعل ) ويعني المشاركة في ( الفعل ) وليس في القول والخطاب فقط الذي قد يفهم من التسمية الأولى ، وهو تفاعل ( مجتمعي ) أيضاً لأنه ينخرط فيه أبناء المجتمع أو المجتمعات في العمل على الرفع من شأن مجتمعاتهم وفي مناقشة قضاياها ، وبذلك يتضح بأن الفارق في التسمية ليس هو المقصود لذاته ، بل لأنه يعكس الفرق في معنى الرسالة التي تؤديها كل من هاتين التسميتين .

ولزيادة التأكيد على ما لـ ( مواقع التفاعل الاجتماعي ) من الدور ( الفعلي ) على أرض الواقع ، فإنني لن أكتفي بالمثال الأمريكي سابق الذكر ، بل سأحطّ في بلادنا العربية التي كان لمواقع التفاعل الاجتماعي فيها الدور الحاسم في حشد الجماهير للمشاركة في الفعاليات والمسيرات التي شهدتها بلدان ( الربيع العربي ) بغضّ النظر عن الزاوية التي ينظر من خلالها  كلّ منا إلى هذه الأحداث . ولهذا فإن بعض الدول على مستوى العالم قد وعت جيداً ما يمكن أن تحدثه مواقع ( التفاعل ) هذه من ( الفعل ) ، فلذلك سعت إلى احتوائها قبل أن يخرج المارد من القمقم . فالصين مثلاً ، كما تعرفون ، قد أوجدت ( مواقع تفاعل ) ولا أقول ( تواصل ) بديلة ، يمكن من خلالها مراقبة ما يجري من خلال هذه الوسيلة الإعلامية التي ثبت أنها ألقت بوسائل الإعلام التقليدية المطبوعة والمرئية والمسموعة أرضاً في أكثر من بلد ، وفي أكثر من حدث ، ألم تروا معي مثلاً ـ ونحن نتحدث عما جرى في بعض البلدان العربية ـ أن وسائل الإعلام التقليدية في هذه البلدان التي كانت تُسبّح بحمد الحاكم وتقلل من شأن التجمعات والفعاليات الشعبية المواكبة ( للربيع العربي ) وتحرض عليها لم تفلح في الصمود أمام سطوة مواقع ( التفاعل الاجتماعي ) وهجومها الكاسح على عقول الجماهير وقلوبهم ، فتقاطرت هذه الجماهير فرادى وزرافات إلى ساحات الاعتصامات ؟! وعلى الطرف الآخر من واقعنا السياسي ، ألم تروا معي أيضاً أن هذه الحقيقة لم تكن بعيدة عن صنّاع القرار في الدولة العبرية المحتلة عندما خصصت في المدة الأخيرة فريقاً لمتابعة هذه المواقع ومستخدميها ، تمهيداً لحجب ما تشاء منها ، ولمعاقبة من تشاء من مستخدميها ؟!

والآن ، وبعد أن استذكرنا معاً ما لمواقع التفاعل الاجتماعي من الأهمية ، يتبادر إلى أذهاننا السؤال الآتي : هل نقوم نحن كمستخدمين عرب لهذه الوسيلة باستخدامها الاستخدام الأمثل ؟

وللإجابة على هذا السؤال يمكن أن نجيب بـ ( نعم ) كما يمكن أن نجيب بـ ( لا ) ، وذلك حسب المستخدم وكيفية الاستخدام ، وخاصة أن هذه المواقع وفّرت لكل شخص من صغير أو كبير ، غني أوفقير ، عظيم أو حقير إمكانية أن تكون له وسيلته الإعلامية الخاصة ، حتى الطفل الذي في المرحلة الدراسية الأساسية . وهذا أدّى إلى حقيقة وجود عدد كبير من المستخدمين الذين يستخدمون هذه الوسيلة للتفاعل مع الواقع الذي يعيشون فيه من خلال منشورات متنوعة تتضمن النصوص المكتوبة والمقاطع المرئية والمسموعة التي تشير إلى موقف من المواقف أو تظهر حدثاً من الأحداث أو تناقش قضية من القضايا ، أو تنقل إلى عقل المتلقي مادة ثقافية أو علمية تلامس الوجدان وتغذي العقل وتقوي المعرفة. وإلى  جانب هؤلاء ،هنالك عدد آخر من المستخدمين ، وهو الأكبر وللأسف الشديد ، يستخدمون هذه المواقع استخداماً ( عبثياً ) إن جاز التعبير ، كالذي ينشر صورة ( صينية الكوسا المحشي ) وهو يتناولها مع الأهل والأصدقاء ، وهنالك نوع ثالث  من المستخدمين ، ولعلهم الأقلية لحسن الحظ ، وهم أولئك الذين يستخدمون هذه المواقع استخداماً ( مقيتاً ) في الذم والقدح والتشهير وإذكاء نار الفتنة بين فرد وآخر أو بين جماعة وأخرى ، ( وهم يحسبون أنهم يحسنون صُنعا ) كما تقول الآية الكريمة .

وخلاصة القول ، كم كنت أتمنى ، كما يتمنى الكثيرون غيري ، أن نعيد النظر في فهمنا لأهمية ورسالة مواقع التفاعل المجتمعي ، واختيار التسمية الدقيقة يساعد بالتأكيد على إعادة صياغة مفهومنا لرسالة هذه المواقع . وهذا ما سيقود المستخدم العربي إلى التخفيف من الاستخدامات العبثية والمقيتة لهذه المواقع ، ولأن يحرص على استخدامها الاستخدام الأمثل في الرفع من شأن المجتمع وفي مناقشة قضاياه والدفاع عنها ، وخاصة أنه بات يعرف حقّ المعرفة ما لمواقع التفاعل الاجتماعي ( أو المجتمعي ) من التأثير ، حتى أصبحت تتحكم في مصائر شعوب وخرائط أقطار وأنظمة دول ! 
-------------------------------
لقراءة المقال من ( الحدث ) يمكن الوصول إليه من الرابط الآتي :
http://www.alhadath.ps/article/47901/%D9%85%D9%86-%D8%AA%D9%88%D8%A7%D8%B5%D9%84-%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%B9%D9%84-%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9%D9%8A-%D8%A8%D9%82%D9%84%D9%85--%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D9%85