الجمعة، 28 أبريل 2017

قراءة الكاتب ميخائيل رشماوي لكتاب الشاعر شريم ( جواهر الحكمة ) المنشورة في موقع جريدة (الحدث).

قراءة الكاتب ميخائيل رشماوي لكتاب ( جواهر الحكمة في نظم كليلة ودمنة ) للشاعر محمد شريم التي نشرها موقع جريدة ( الحدث ) يوم الثلاثاء 25/4/2017:
_____________________________________________________________________

قراءة في ديوان (جواهر الحكمة) للشّاعر محمّد شريم




بقلم : ميخائيل رشماوي


الحدث الثقافي
      لم تُتح لي الفرصة لأحضر عرض ديوان الشّاعر محمّد شريم الّذي أطلق عليه اسم  (جواهر الحكمة في نظم كليلة ودمنة) ، ولكن في لقاءٍ أدبيّ جمعني معه أهداني الدّيوان ، وجلست طويلًا مع الكتاب أتذوّق قصصه وحِكَمِه التي صِيغت بقالبٍ شعريّ ، وقد أحببتُ أن أكتبَ عن هذا الدّيوان ولو بنزرٍ قليلٍ من الكلمات ، ولا بدّ من القول في بداية عرضي أو رأيي في هذا الدّيوان  : أدهشتني الفكرة ، وقلتُ للشّاعر: أحقًّا ما قمتَ به ، أحقًّا حوّلت  النّثر (بقصصه المختلفة والعديدة)  إلى شعر؟ قال لي الشّاعر محمّد شريم : نعم فعلت.
      قرأت الكتاب كلمةً كلمة ، سطرًا سطرًا، صدرًا وعجزًا ، وأخذ منّي الكتاب وقتًا طويلًا مستمتعًا بأحاديثه وحكَمِه ، بفصاحة شعره ، وبساطة عرضِه  ، كلامٌ نثريّ تحوّل إلى نظمٍ شعريٍّ ، يا له من عملٍ يستحقُّ التّقدير! يستحقّ أن يُكتب عنه ، لذا  أردتُ أن أستعرض معكم فصول هذا الدّيوان .يبدأ الشّاعر بمقدّمةٍ شاملةٍ حوت السّبب الّذي جعله يحوّل كتاب كليلة ودمنة -المتضمّن قصصًا رواها بيدبا الفيلسوف لملكه – إلى شعر فيقول أنّ الّذي دفعه إلى هذا العمل:
أوّلًا:  إعجابه بالحكم الواردة في كتاب كليلة ودمنة (الأصل) والّذي ترجمه ابن المقفّع (أو هو مَن وضعه) فأراد شريم أنّ يستبدل حلاوة الشّعر بطلاوة النّثر، بكلام العصر لا بكلامٍ أخذ عليه الدّهر بعيدٍ عن متناول الجميع.
 ثانيًا: رغبتُه في بقاء هذا الكتاب عنصرًا هامًّا في مكتبة المثقّف العربي ؛ ليكون مرجِعًا لمن شاء من القرّاء، أكان من الخطباء أو الأدباء أو من الإعلاميّين ، أو من أهل الفن، أو من المربّين ، أو من الطّلبة أو...........ليجدَ فيه ضالتَه من الحِكَم بأبعادهاالثّقافيّة والتّربويّةٍ والاجتماعيّةٍ والسّياسيّةٍ ويعودَ إليها عندما تقتضي الضّرورة  في أيّة مناسبةٍ تُتاح.
 لقد اتّبع الشّاعر شريم خُطى شاعرين سابقين قاما بنظم كتاب (كليلة ودمنة ) شعرًا وهما شّاعران عبّاسيان. الأوّل هو أبان بن عبد الحميد الّلاحقي ، الّذي نظم الكتاب بإلحاحٍ من يحي بن خالد البرمكي بأن ينظم كتاب كليلة ودمنة َ شعرًا مقابل مكافأةٍ ماليّةٍ ، وجاء في مقدّمة كتابه المنظوم :
هذا كتابٌ أدبٍ ومحنة      وهو الّذي يُدعى كليلة ودمنة
 والثّاني ابن الهبارية ، وحسب ما يقوله الشّاعر محمّد شريم أنّهما نظما مقدّمة الكتاب شعرًا أيضًا ، ويعلّق على هذا الموضوع بإيراد سبب عدم نظم مقدّمة كتابه شعرًا كما فعل هذان الشّاعران أنّ النّثر أسهل في نقل الفكرةالتي تحمل الطّابع العلمي والعملي من الشّعر ، وأناأوافقُه على هذا الرّأي  .
 ثمّ يلجأ الشّاعر إلى شرح خطوات هذا العمل الجبّار الّذي أخذ منه جهدًا ووقتًا يزيد عن عشر سنواتٍ من العمل المتواصل . يا له من صبرٍ وجلدٍ لا مثيلَ له !  سنوات طويلة كان من الممكن أن يبدع في أعمالٍ شعريّةٍ أخرى أسهل وأقلّ جهدًا ووقتًا ، ولكن وضع أمامه هدفًا أراد أن يحقّقه ففعل .
 ثمّ يشرح الشّاعر الخطوات التي قام بها في إعداد كتابه ، من مراجعة  طبعات الكتاب الأصلومن إنجاز مُسوّدة نظْم الكتاب ، وما تبع ذلك منتدقيقٍ وتنقيحٍ وحذفٍ وإضافةٍ  واستعمال الحاسوب لتسجيل ما توصّل إليه ، وقد نوّع الشّاعر بين البحوروحروفِ الرّوي فارتأى أن يكون لكلِّ حكاية بحرُها ورويُّها الخاص ، وأن يكون البحر وحرف الرّوي في الحكاية الفرعيّة مختلفين عنهما في الحكاية الأم ، إلّا إذا كانت الحكاية الفرعيّة جزءًا لا يتجزّأ من الحكاية الأم .
 ويشرح لنا الشّاعر أقسام كتابِه، فقد بدأه بمقدّمة شرحتُ بعضًا منها ، ثمّ قام بعرض الحكايات بقالب الشّعر مع الأمثال والحكم التي احتوتها ، ثمّ انتقل إلى تصنيف (خزانة جواهر الحكمة) حيث جمع فيه الحكم الشّعريّة التي اقتطفها من الحكايات والأمثال،ثمّ إلى التّصنيف المسمّى ( صناديق  جواهر الحكمة) والمرتّبة ترتيبًا هجائيًّا وفق حروفِ أسمائِها  ، وبهذه الصّناديق مع مفاتيحها يستطيع القارئ أن يعود إلى كلِّحكمةٍ وردت في خزانة جواهر الحكمة وبالموضوع الّذي يريده .
 ولا بدّ أن أشير إلى أنّ بعض الحكايات احتاجت إلى الكثير من الأبيات ، ولكم أنْ تتصوّروا مقدار الجهد الّذي بذله الشّاعر في إخراج هذا المولود إلى الحياة ، فعلى سبيل المثال لا الحصر ( باب الجرذ والسّنّور) زاد عن مئة وعشرين بيتًا ،أمّا باب الأسد والثّور،وهو أكبرُ الأبواب فقد زاد عن المئتين وخمسين بيتًا، وغيرها كثرٌ من الأبواب الأخرى .
 إنّ هذا الدّيوان بما فيه من سردٍ للأبيات بطريقةٍ سهلةٍ على القارئ ، وتفسيرٍ لكثيرٍ من المفردات في أسفل الصّفحةِ  يُعتبرُ مرجعًا هامًّا  لمتذوّقي الشّعر ، وللمستمتعينبالحكم التي وردت فيه ، ولذا من الضّروري أن أختار بعض الحكم كخاتمةٍ لهذا العرض:
1-لا تفنَ حزنًا ليس فقرُكَ وصمةً  كم أكرموا رجلًا بغيرِ غناءِ
فالأُسُدُ تفرضُ هيبةً بربوضِها وترى غنيًّا مُزدرًى كغثاء
والكلبُ  والذّهبُ المرصّعُ طوقُه لن يُكرموه لطوقهِ الّلألاءِ
2-والخلُّ يقطعُه الخليلُ لفقرهِ ويصيرُ ممقوتًا من الرّفقاءِ
3-ومَن يجهلِ النّقسَ ثمّ العدوّ وقاتلَ في حالِ ضعفٍ خسر
4-تهونُ صعوبةُ لذعِ الجمارِأمامَ صداقةِ خِلٍّ فجَرْ
5- كم كانَ سهلًا أن نفوزَ بمطلبٍ  ومن الصّعوبةِ حِفظهُبثباتِ
6- كم جاهلٍ ساقه جهلٌ إلى عملٍ  ما كانَ يُتْقِنُه فاستجلبَ العَطَبا
هذا غيضٌ من فيض حِكمٍ  حواه الدّيوان  ، ومَن يريدُ الاستزادة فليرجع له ، ليستمتعَ أكثر منها ومن القصص التي نُسِجت شعرًا سهلًا ليّنًا ومستساغًا ، وكل التّقدير للشّاعر على هذا الجهد ، وإلى مزيدٍ من العطاء .

الثلاثاء، 25 أبريل 2017

إشارة : عن أحمد دحبور وحيفاه !

مقالة الشاعر محمد شريم ( إشارة ) التي نشرتها جريدة ( الحدث ) في عددها ( 84 ) الصادر يوم الثلاثاء 18/4/2017 ص 17 وموقعها الإلكتروني ، وهي تحت عنوان : عن أحمد دحبور وحيفاه ! .
---------------------------------------------------------------



إشارة :
                                  عن أحمد دحبور وحيفاه !
                                                                              
 بقلم : محمد شريم
قال شاعرنا محمود درويش مقولته الشهيرة : ( على هذه الأرض ما يستحق الحياة : تردد إبريل .. ) ، وهذا صحيح ، ولكن شهر إبريل ، أو ما يسمى باسم ( نيسان ) في بلاد الشام ، ومنها فلسطين ، قد عاد في هذا العام ليس بنضارة الحياة التي تبدو في أزهار الأقحوان وشقائق النعمان فحسب ، بل بغمامة من الأحزان ، كدّرت نفوس عشاق الشعر والأدب من الفلسطينيين والعرب ، وأحباب الشاعر الفلسطيني الكبير أحمد دحبور .
     فما أن انتصف نهار التاسع من شهر نيسان من هذا العام (2017 ) حتى كان جمع من المثقفين ورجال السياسة والمجتمع ، يوارون على ضوء نهار بائس وشمس حزينة جثمان الشاعر الفلسطيني الفقيد ، وذلك في اليوم التالي لوفاته ، وهو الذي أقسم ذات يوم ، في أغنية كتبها ،على أن يزرع ( غصن اللوز الأخضر ) كرمز للحياة.
      وبرحيل هذا الشاعر المبدع تكون الساحة الثقافية الفلسطينية ، قد فقدت ركناً شامخاً من أركانها ، وعلماً من أعلامها ، وهو الذي كتب لفلسطين ، وأنشد للثورة ، حتى أضحت كلماته أغنيات تتردد على ألسنة الثوار وشفاه الأحرار .
    والمتابع لسيرة ومسيرة شاعرنا الذي ولد قبل واحد وسبعين عاماً في حيفا ، قبل أن يغادر ( حيفاه ) مع أفراد أسرته ، في سن العامين لاجئاً إلى لبنان ـ بدل إطفاء شمعتي عيد ميلاده كما قال متحسراً ـ ومن لبنان إلى حمص ، يدرك أن هذا الشاعر يجسد حياة الإنسان الفلسطيني اللاجئ بكل أبعادها ، فهي تعكس التشرد والألم والفقر، كما أنها تعكس الانتماء والثبات والعطاء ، فكان لهذا المزيج من المسميات ـ التي التقت في حياة الشاعر ـ أن يجعل منه رمزاً للعصامية ، من ناحية ، وهو الذي لم يتهيأ له من التعليم النظامي الكثير ، فعمل على تثقيف نفسه ذاتياً ، كما جعل مزيج المسميات هذامن شاعرنا أحمد دحبور رمزاً للإبداع والوفاء من ناحية أخرى
       ولعل ثقل هذه الحياة الممزوجة بمرارة اللجوءهو ما تعكسه بوضوح عناوين مجموعاته الشعرية التي صدرت على مدى عطائه المديد، حيث يمكننا أن نتبين ـ بغير عناء ـ مدى الإيحاء الذي تعطيه عناوين مجموعاته الشعرية عما تتضمنه هذه المجموعات من انعكاس لحياة الإنسان الفلسطيني الشريد الطريد : ( الضواري وعيون الأطفال ) ، ( حكاية الولد الفلسطيني ) ، ( طائر الوحدات ) ، ليس هذا فقط ، بل إن أسماء بعض تلك المجموعات الشعرية تعكس الحالة الشعورية التي انتابت المشرد الفلسطيني وحالة الضياع التي كان يشعر بها نهاراً ، وتؤرقه ليلاً ، في البحار والقفار ، حيثما سار وأينمااتجه : ( اختلاط الليل والنهار ) ، ( واحد وعشرون بحراً ) ، ( هنا وهناك ) ، ليصل من خلال هذه العناوين إلى النتيجة المعروفة منذ البداية ، والتي يعكسها عنوان مجموعة الشعرية ـ المتأخرة ـ التي تشير إلى أن جيل الشاعر هو ( جيل الذبيحة ) !
      ومع هذا ، فقد قُدّر لأحمد دحبور أن يتخلص ـ ولو جزئياً ـ من حالة الشتات والضياع ، وذلك بعودته إلى ( الجزء المتاح من الوطن ) كما أراد أن يصف عودته ، ليس ذلك فقط ، بل إن الحظ ساعده ، في هذا الليل العربي الدامس ، ليل الهزائم المتلاحقة،على أن يصل إلى محبوبته ( حيفا ) دون أن يعود إليها ، كما وصف زيارته لها ، ولكن ذلك كله لم يخلص شاعرنا مما كان يعانيه ، حتى لحظاته الأخيرة ، وهو علمه المؤكد ـ على اعتبار ما يراه ـ بأنه لن يحظى بما حظي به إميل حبيبي ، وهو أن يدفن في ثرى مدينته الأم ، وأن يكتب على ضريحه : باق في حيفا! 
---------------------------------------------------------------
لقراءة النص عن موقع الحدث :
https://www.alhadath.ps/category/178/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%AF%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%85%D8%A7%D9%85%D9%88%D9%86-

الأربعاء، 12 أبريل 2017

"بيدبا"الفلسطيني الشاعر محمد شريم يصدر ( جواهر الحكمة في نظم كليلة ودمنة ).



التقرير الذي نشرته مجلة ( أقلام مقاومة ) الفصلية الصادرة في ( دمشق ) عن كتاب الشاعر محمد شريم ( جواهر الحكمة في نظم كليلة ودمنة ) وذلك في عددها الرابع الذي صدر في شهر آذار 2017. والتقرير من إعداد الكاتبة والصحفية عبير الفتال .
التقرير بعنوان :
"بيدبا"الفلسطيني الشاعر محمد شريم يصدر ( جواهر الحكمة في نظم كليلة ودمنة ) 

--------------------------------------------------------------------------------









الخميس، 6 أبريل 2017

إشارة : الحضور الثقافي في مشهد الصراع .


مقالة الشاعر محمد شريم ( إشارة ) التي نشرتها جريدة ( الحدث ) الورقية يوم الثلاثاء 4/4/2017 ص19 وموقعها الإلكتروني ، وهي بعنوان : ( الحضور الثقافي في مشهد الصراع  ) .

-----------------------------------------------------------------
إشارة :


                      الحضور الثقافي في مشهد الصراع.

                                                                        بقلم: محمد شريم


      منذ بدء الصراع العربي الصهيوني على أرض فلسطين ، أخذ هذا الصراع مكانه في العديد من ساحات ـ أو فلنقل جبهات ـ المواجهة ، ومن بين هذه الساحات : التاريخ ، التراث ، الثقافة والأدب ، وحتى اللغة إلى حدّ معين ، ولا أستطيع أن أقول إن الدين كان عن ساحة الصراع ببعيد ، وليس ما هو أدل على ذلك من قانون منع الأذان ( أو قانون المؤذن ) الذي فصّل ليستثني صفارة يوم السبت ، وهذا كله ما يمكن لنا أن نصنفه تحت عنوان أعم ، وهو الصراع على الهوية ، أي هوية هذه الأرض ، والتي هي المحور الأساس في هذا الصراعالأشمل الذي يفضل السياسيون أن يطلقوا عليه ( الصراع العربي الإسرائيلي ) .
       وما دامت الأرض هي المستهدفة ،فقد كان من الطبيعي أن تتعرض أرض فلسطين لهذه الهجمات المتتالية التي استهدفت هذه الأرض منذ أواخر القرن التاسع عشر مروراً بحرب النكبة وما تلاها وحتى وقتنا الحاضر .
       وفي لحظة من لحظات هذا الصراع الطويل ، والمرير ، كان لا بُدّ وأن تأتي اللحظة التي تُجسّد بصورة رمزية التصاق الإنسان العربي الفلسطيني بأرضه وتشبثه بها ، كتشبث أشجار الزيتون بهذه الأرض التي غدت فيها رمزاً للسلام المفقود على أرضها ، منذ فجر التاريخ ، فجاءت تلك اللحظة مترافقة مع الهبة الجماهيرية  التي وقعت في الثلاثين من آذار عام 1976 في القرى والتجمعات العربية الفلسطينية داخل ما يعرف بالخط الأخضر ، والتي استشهد فيها ستة مواطنين وأصيب غيرهم الكثير.
       وفي خضم الأحداث المرافقة لموجات استهداف الأرض المتتابعة ، لم يقف المثقف الفلسطيني ، والعربي ، بعيداً عن مشهد الصراع مع الحركة الصهيونية ، بل كان على الدوام جزءاً منه ، وفعّالاً فيه ، فإذا كانت الهوية محوراً أساسياً في هذا الصراع ، فمن الطبيعي ، بل من الضرورة أن يكون الأدب ، وغيره من صنوف الثقافة والفكر حاضراً في مشهده  ، لأن قلم الكاتب ، وريشة الرسام ، وحنجرة المغني ، وآلة العازف هي الأدوات التي يتبارز بها الجمعان في معركة الصراع على الهوية ، ولهذا نظم الشعراء في حب الأرض أبدع القصائد ، وسطر الكتاب أجمل المؤلفات ، وردد المغنون أروع الأغنيات ، وعزف الموسيقيون أعذب الألحان ، وأبدع الرسامون بالألوان أجمل اللوحات !           
   والمتابع للحركة الثقافية الفلسطينية ـ والعربية المنخرطة في الحالة الفلسطينية ـ يجد أن الإبداعات الثقافية التي تتعلق بالأرض الفلسطينية والصراع الذي يدور عليها ، ولأجلها ، لا تتناول واقع الصراع بجانبه المباشر فقط ، وهو الصدام العسكري أو الثوري ، كوصف المعارك التي يخوضها طرفا الصراع ـ المحتل والمقاوم للاحتلال ـ للسيطرة على هذه الأرض وما ينبثق عن هذا الوصف من المثل السامية والأفكار النبيلة كتمجيد الشهادة ، وتخليد الشهيد ، وتثمين التضحية ، بل إن هذه الإبداعات تتناول واقع الصراع على الأرض بجوانبه غير المباشرة أيضاً ، كتأكيد ارتباط الإنسان بأرضه ، وحرصه على التمسك بها ، وإعلاء قيمة العمل فيها ، وإبراز مواصفاتها الجمالية بشجرها النضير ، ونباتها الكثير ، وأزهارها الجميلة ،  وصخورها الظليلة ، وثراها العطِر ، وطيورها الغرّيدة وحيواناتها العديدة.
            ومن هنا ، فإن وجود الأرض ، كلفظة وفكرة ، سيبقى حاضراً بقوة في مكونات الثقافة الفلسطينية ما بقي الصراع على هذه الأرض قائماً ، وحتى عندما يُحلُّ هذا الصراع وينتهي ، بإحدى الطرق التي ترويها كتب التاريخ عن إنهاء الصراعات ، فإنني أعتقد أن الأرض ستبقى أيضاً عنصراً حاضراً في ثقافتنا وأدبنا ، ليس من أجل إحياء الأرض وإحسان استغلالها فقط ، بل لأن كيان الإنسان ، أي إنسان ، لا يمكن له أن يخرج من حيز الزمان والمكان ، وأعني الزمان الذي يحيا فيه ،  والمكان الذي ينتمي إليه وهو الأرض التي يعيش عليها !
-------------------------------------------------------
لقراءة المقالة عن الجريدة الورقية :
http://www.alhadath.ps/files/server/issue83/Alhadth-Issue83.pdf
لقراءة المقالة عن الموقع الإلكتروني :
http://www.alhadath.ps/article/55701/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B6%D9%88%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%B4%D9%87%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%B9--%D8%A8%D9%82%D9%84%D9%85--%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D9%85

الأحد، 26 مارس 2017

مقطع مصوّر أثناء إلقاء الشاعر شريم ( قصيدة ديرأبان ).



   مقطع مصور أثناء إلقاء الشاعر محمد شريم ( قصيدة ديرأبان ) وذلك على مسرح 
( مؤسسة إبداع ) في مخيم الدهيشة ـ بيت لحم بتاريخ 21/3/2017 في الحفل الذي نظمته وزارة الثقافة والمجلس الثقافي الاستشاري في محافظة بيت لحم بمناسبة اليوم العالمي للشعر.

الخميس، 23 مارس 2017

الشاعر شريم يحاضر في الطالبات المتميزات في الإبداع الأدبي في مدرسة الدهيشة.




    بناء على دعوة من إدارة مدرسة بنات الدهيشة التابعة لوكالة الغوث ألقى الشاعر محمد شريم محاضرة في الساعة العاشرة من صباح يوم الثلاثاء 21/3/2017 حول ( مفهوم الإبداع الأدبي ) أمام عدد من طالبات المدرسة المتميزات في هذا المجال  .



 وقد حضر اللقاء الفنان التشكيلي حسن اللحام ، أمين سر المجلس الثقافي الاستشاري في محافظة بيت لحم الذي كان له إسهام مميز في الإعداد للقاء .



إشارة : ذلك هو الشعر!

مقالة الشاعر محمد شريم ( إشارة ) التي نشرتها جريدة ( الحدث ) في عددها الذي يحمل الرقم (82) الصادر يوم الثلاثاء 21/3/2017 ( ص 17 ) وفي موقعها الإلكتروني ، وهي بعنوان ( ذلك هو الشعر ) ، ومناسبتها هو اليوم العالمي للشعر الذي يصادف يوم صدور العدد المذكور من الصحيفة .
-----------------------------------------------------------------------------------------




إشارة :

                          ذلك هو الشعر !

                                                          بقلم : محمد شريم .

     ذلك هو الشعر ! إنه الطائر المحلّق في سماء العقل ، كيمامة بيضاء ترفرف بجناحين ملائكيين حيناً ، وكنسر جارح ينقض من الأعالي بكل ما فيه من القوة والبأس والعنفوان أحياناً !
      يا له من كائن عجيب! كم يجمع من المفارقات التي لا تخطر للمرء على بال! ألم تر أنه نشيد الماء المتسلسل في جدول رقراق فيتسللبين الحصى والصخور ؟! ألم تر أنههدير بحر متلاطم الأمواج ، وسقسقة عصفور غرّيد في قلب غصن يفيض بالأزهار ، وزئير أسد يسابق الريح خلف ظبية في السهول ، ورفيف فراشة بيضاء أو صفراء تتنقل بين الأقحوان وشقائق النعمان ؟!
       إنه الشعر ، هو الهيكل الذي التقت تحت قبته الشامخةوفي أجوائهالتأمليةجميع الأمم ، فلا فضل في محرابه  لعربي على عجمي إلا بما أتى به من وجوه الإبداع!هو الله وحده يعلم كم خاض الناس من الصراعات ـ على مدى الأزمان ـ وكم اختلفت الأمم في الثقافات ، فميّزتهم الألسن واللغات ، وشتتهم البلدان والجهات ، وفرقتهم التقاليد والعادات ، وباعدت بيتهم الأفكار والمعتقدات ، وطوحت بهم المصالح في هذا الاتجاه أو ذاك ، ولكنهم جميعاً التقوا في محراب الشعر فألّف بينهم ، وجمّع شملهم تحت مظلة الإنسانية السامية وظلالها الوارفة ، وكفى به جامعاً !أوليس هو بكاء ثاكل عند الأصيل  ، ونحيب أرملة في الليل البهيم ، وشكوى مظلوم ، وأنين مكلوم ، وضراعة ملهوف ، ونجوى متيّم ، وحشرجة ميتّم ، وبهجة والد ، وعهد قائد ، ووصف طريق ، واستغاثة صديق، وصرخة منكوب ، وصيحة ثائر؟! 
      إنه الشعر أيها الأحباب ! أعظم الفنون شأناً ، وأرقاها مكانة ، وأقواها تأثيراً ! يجتمع مع كل منها ، وتتجمّع فيه . كم كان رسماً ضمن لوحة رسام ، ولحناً في بحر معزوفة ،وكلمات في سياق أغنية ، وإيقاعاً مع حركات راقص ، وفكرة في نص ممثل ، ومع هذا فالشعر ألوان رسام موهوب في فم مفوّهٍ ملهَم ، ونغمات موسيقي بارع في كلمات شاعر رقيق ، وترانيم أغنية عذبةعلى شفاه ناظم مجيد ، وحركات راقص تميل بها تفاعيل إيقاع عروضي كيف تشاء ، والشعر أيضاً  حوارات الأتقياء والمارقين والعاشقين التي ترتدي عباءته وتدور على لسانه فوق خشبات المسارح!
     ذلك هو الشعر !
    إنه الإبداع الذي اتفقت الأمم على أن تجتمع في محرابه في مثل هذا اليوم ، من كل عام ، أي في الحادي والعشرين من آذار.
     طبتم ، وطاب شِعركم !
-----------------------------------------------------------
لقراءة المقالة عن موقع الحدث :
https://www.alhadath.ps/article/54994/%D8%A5%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D8%A9--%D8%B0%D9%84%D9%83-%D9%87%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%91%D8%B9%D8%B1-%D8%A8%D9%82%D9%84%D9%85--%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D9%85

الثلاثاء، 7 مارس 2017

اختيار قصيدة للشاعر شريم لتكون ضمن كتاب ( القصيدة المحمدية ) الذي سيصدر في الإمارات .

تلقى الشاعر محمد شريم صباح أمس الإثنين 6/3/2017 رسالة من شبكة صدانا الثقافية ومركزها ( الشارقة ـ الإمارات العربية المتحدة ) تفيد باختيار لجنة التحكيم المختصة قصيدته ( يا أنفع الناس ! ) ، وهي في مدح الرسول محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ ضمن عشرين قصيدة لبعض كبار الشعراء العرب ، من عشر دول عربية ، ستصدرها المؤسسة أواخر هذا الشهر في ديوان شعري مشترك يحمل اسم ديوان ( القصيدة المحمدية ) ، وتتضمن صفحات هذا الكتاب ما جادت به قرائح الشعراء المشاركين ، من بين عدد كبير من القصائد التي كانت مرشحة للمشاركة في هذا العمل القيّم .
وتعتبر قصيدة الشاعر شريم هي الوحيدة من فلسطين التي سيتضمنها هذا الكتاب الذي سيوزع على المراكز الثقافية في العالم .


إشارة : العمل التطوعي ومعطيات المرحلة !

مقالة الشاعر محمد شريم ( إشارة ) كما نشرها موقع جريدة ( الحدث ) يوم الأربعاء الموافق 1/3/2017 ، وهي تحت عنوان : (العمل التطوعي ومعطيات المرحلة ! ) .
---------------------------------------------------------------------------------
إشارة :
                      العمل التطوعي ومُعطيات المرحلة !

                                                              بقلم : محمد شريم

     ما من مذهب فكري أو منهج علمي أو مبدأ اجتماعي أو معتقد ديني إلا وكان التعاون عنصراً مهماً فيما يدعو إليه ، بل منطلقاً أساسياً ينطلق منه نحو بلوغ غاياته ، لِما للتعاون من أثر نفسي ومعنوي على الأطراف ذات العلاقة بهذا الأمر ، ولما له أيضاً من أثر مادي وعملي في تيسير الإنجاز وتسهيله ، وفي اختصار الوقت والجهد ، وفي توفير المال ، وذلك أثناء العمل لتحقيق الأهداف.
      ولم يكن التعاون في تراثنا الديني والاجتماعي بالأمر الغريب ، ولا بالطارئ العجيب ، فقد كان جزءاً من هذا التراث من أزمنة الآباء والأجداد ، ولذلك فقد وُجد التعاون في مجتمعنا ـ كما هو الحال في المجتمعات الإنسانية الأخرى ـ وقد أطلق عليه الناس في بلاد الشام ومنها فلسطين مصطلح ( العونة ) ، وتعني المساعدة في إنجاز عمل يخص أحد أبناء المجتمع ، أو أفراداً منه ، أو المجتمع المحليّ ككل. وقد شجعت التعاليم الدينية السائدة في المجتمع مبدأ التعاون ، ومنها الأمر الإلهي في القرآن الكريم ( وتعاونوا على البر والتقوى ) ، والبرّ هو الإحسان ، لا بل إن مبدأ التعاون هو عقيدة متأصلة في المجتمع العربي منذ الجاهلية ، فالكرم العربي الذي نفخر به ونعتز ، ما هو إلا مظهر من مظاهر التعاون الذي أوجدته ـ كما يرى الكثيرون ـ البيئة القاسية في شبه الجزيرة العربية.
      وإذا عدنا في مجال حديثنا عن التعاون إلى فلسطين ، نقول إن مبدأ التعاون كان أكثر إلحاحاً ، في هذه القطعة بالذات من الأرض العربية ، وذلك منذ النكبة وحتى الآن ، بحكم الضرورة ، فالنكبة التي ابتلت فلسطينَ وأهلها ( بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات ) أوجبت على أبنائها المنكوبين التعاون للصمود من ناحية ، ولتوفير متطلبات الحياة من ناحية أخرى ، فأصبح التعاون في هذا الوضع جزءاً من (الحالة الثورية) التي يعيشها أبناء الشعب بشكل عام ، في معركة البقاء ،وهو الأمر الذي تطور فيما بعد ليبدو أكثر تنظيماً فيما عرف بـ ( العمل التعاوني ) أو ( التطوعي ) الذي تبنته أهم الأطر السياسية في الساحة الفلسطينية ، والذي بلغ وقته الذهبي في الثمانينيات من القرن الماضي قبل انطلاق الانتفاضة الأولى وبُعيد ذلك ، وعلى الرغم من أن هذا الأمر قد فقد بريقه مع بداية التسعينيات ، إلا أنه استمرّ بشكل يتصف بالجدية حتى خرجنا من ( الحالة الثورية ) بصورتها النمطية ، ولو بشكل ( رسمي ) أو نظري ـ حتى لا نتجادل في التسميات ـ ودخلنا فيما يمكن أن نسميه ( حالة أوسلو) وما تبع ذلك من مرحلة ( بناء مؤسسات الدولة ) بشكل عملي.
     إنني لا أستطيع ، ولا أريد كذلك ـ في هذا السياق ـ أن أتحدث عن مقدار ما أنجز في هذه المرحلة ، وتحت هذا الشعار من إنجازات ، فأنا لست من أهل الاختصاص ، من جانب ، كما أن هذا الأمر ليس من شأني في هذه السطور من جانب آخر ، أما الذي من شأني وأنا أتحدث عن العمل التطوعي ، فهو أن أُشير إلى أن الاهتمام بهذا النوع من العمل في هذه المرحلة قد انحسر ـ كما أسلفتُ ـ إلى حدّ كبير ، رغم استمرارية وجوده ، بهذا الشكل أو ذاك ، وأنا هنا لا أسمي المتطلبات الدراسية أو الخدمات المجتمعية التي تفرضها بعض المؤسسات التعليمية وغيرها على مرتاديها عملاً تطوعياً ، وإن سُمّي كذلك ، فالعمل التطوعي هو تطبيق لتوجه ذاتي ، ولذا فإنه لا يكون بمرسوم علويّ ، ولا يتأتى بقرار وظيفيّ !
     وهنا ، قد يتساءل البعض عن السبب في انحسار ظاهرة العمل التطوعي في هذه المرحلة ، وهو تساؤل واقعي ومنطقي . وفي محاولة للإجابة عن هذا التساؤل  أقول : إنني أرى ـ وهي وجهة نظر ـ أن وراء هذا الأمر عدة أسباب ، من بينها سببان رئيسان : السبب الأول يتعلق بتغير نظرة بعض أبناء المجتمع إلى الفكرة بحد ذاتها ، ففي المرحلة التي سميناها ( الحالة الثورية )  ، بصورتها النمطية ،  كان الناس ينظرون إلى العمل التطوعي ، مهما كان مجاله ، على أنه الجانب الاجتماعي أو المدني من العمل الثوري ، ولنقرب الفكرة أكثر نقول : إنه كعمل الممرضة المتطوعة في أوقات الحرب . أما السبب الرئيس الثاني في انحسار فكرة العمل التطوعي ، فإنه يتعلق بحالة الإحباط والمرارة التي أصبح يعاني منها الكثيرون في ظل انتشار البطالة ، وخاصة بين الخريجين ، وما يشاع عن وجود بعض المظاهر السلبية كالمحسوبية والفساد ، وهو الأمر الذي يمكن أن تحدد درجته ومداه الجهات المختصة كهيئة مكافحة الفساد ، وكذلك منظمات المجتمع المدني المهتمة بالموضوع.
     لا شك في أن هذين السببين الرئيسين ومعهما بعض الأسباب الأخرى ، قد قللا من جاذبية فكرة العمل التطوعي في مرحلة بناء المؤسسات ، ولهذا ، فإن أبناء المجتمع الذين يقعون تحت تأثير السبب الأول عندما تطلب منهم ممارسة نوع من العمل التطوعي في مجال من المجالات يقولون : الآن لدينا مؤسسات وهذا واجبها . أما إخوانهم الذين يقعون تحت تأثير السبب الثاني ، وهو الإحباط ، فلربما كانت ردة فعلهم بسبب ما يشعرون به من المرارة أكثر حدة ، فيردون على من يقترح عليهم التطوع في العمل بردّ لا يخلو من لهجة انتقامية : فليعمل الذين أخذوا الوظائف ويتقاضون الرواتب.
     لكن من ينظرون إلى الأمر من زاوية الدافع الوطني والإنساني المجرد ، مزوَّدين بتجربة الثمانينيات من القرن الماضي الناجحة في هذا المجال ، وبالشحنة التي أوجدتها في نفوسهم هذه التجربة من حب للعمل التطوعي ، فإنهم يقولون غير هذا ، وهم يدعون المؤسسات الإعلامية والاجتماعية والتربوية إلى إعادة غرس قيمة العمل التطوعي كواجب اجتماعي ووطني وديني وإنساني في النفوس ، حتى نمد المجتمع بأسباب القوة ، ونبسط أمام أفراده سبل النجاح، ونحن نستذكر قول الشاعر:
     وبلوت أسباب الحياة وقِسُتها = فإذا التعاون قوة ونجاحُ !
----------------------------------------------------------
لقراءة المقالة عن موقع ( الحدث ) :
https://www.alhadath.ps/article/53787/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B7%D9%88%D8%B9%D9%8A-%D9%88%D9%85%D8%B9%D8%B7%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B1%D8%AD%D9%84%D8%A9--%D8%A8%D9%82%D9%84%D9%85-%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF-%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D9%85

الجمعة، 24 فبراير 2017

إشارة : عمى البصيرة و( نظرية المؤامرة ) !

مقالة الشاعر محمد شريم ( إشارة ) في العدد ( 80 ) الصادر يوم الثلاثاء 21/2/2017 من جريدة ( الحدث ) ص18 وفي موقعها الإلكتروني :
-------------------------------------------------------------------------------------


إشارة :
                عمى البصيرة و( نظرية المؤامرة ) !
                                                                                                                                                        بقلم : محمد شريم

        جرى في السنوات الأخيرة على ألسن الناس في وطننا العربي ـ وخاصة على ألسن المثقفين والمحللين السياسيين منهم ـ مصطلح ( نظرية المؤامرة ) أثناء تحليلهم للأحداث ومخرجاتها في بلداننا العربية وفي العالم.

        وهذا المصطلح هو معروف في عالم العرب والعجم على حد سواء ، وهو يشير إلى طريقة من التفكير والتحليل تفسّر الوقائع والأحداث على أنها نتيجة مؤامرة ، وذلك بسبب الجهل أو نقص المعلومات اللذين يحرمان المرء من القدرة على تفسير الأحداث بشكل علمي ومنطقي.
       وبالطبع ، فإن الأمر يزداد سوءاً إذا أضيف إلى الجهل ونقص المعلومات ، ذلك القدر الهائل من التزوير الإعلامي الممنهج الذي يتعرض له المتلقون البسطاء ، وأعني البسطاء في تفكيرهم ، وبعضهم من حملة الشهادات ، وذلك من وسائل الإعلام الضالعة بصورة أو بأخرى في الصراعات ، حتى أصبحت استراتيجيتها الإعلامية تقوم على الكذب في الخبر والتحليل ، والتزوير في التقرير والتصوير، بهدف السيطرة على عقول هؤلاء البسطاء ـ وهم الغالبية في مجتمعاتنا ـ لتجعل معها أصحاب العقول النيرة في عزلة إلى الدرجة التي يخجلون فيها من مجرد طرح آرائهم المخالفة للمناخ الإعلامي السائد.
       في مثل هذه الأجواء ، ليس من الغريب أن تجد أينما التفت حولك في بلداننا من يفسر الأحداث بشكل فج ـ وسخيف أحياناً ـ بناء على هذه النظرية التي مصدرها الأول هم الحكام ووسائل إعلامهم ( المتآمرة ) معهم ، أو مع أموالهم ، ومن خلال هذه النظرية يحاول هؤلاء الحكام التغطية على تقصيرهم في خدمة الأمة وعدم قدرتهم على تحقيق الإنجازات ، فيجدون في بعض البسطاء ضالتهم ، وأقصد هؤلاء البسطاء الذين تعدوا مرحلة البساطة في التفكير ووصلوا مرحلة عمى البصيرة التي من أعراضها الانغلاق والإعراض عن مجرد الاستماع إلى الرأي المخالف ، فتطوح بهم رياح وسائل الإعلام هذه حيث تشاء ، فتراهم يرددون معها وتحت تأثيرها تحليلات ( جنرالات الفضائيات) للأحداث العسكرية ، كما يتبنون في المواقف السياسية آراء مفكري الأنظمة ، ومقاولي الإفتاءات من علماء السلاطين الذين من خلال وسائل الإعلام تلك يلوون أعناق النصوص ويحرّفون الكَلِمَ عن مواضعه !
      ومن الأمثلة على عمى البصيرة ، الانسياق وراء وسائل الإعلام تلك ـ بقصد أو بدون قصد ـ نحو منزلق تأييد مشعلي نار الفتنة الطائفية ، لدرجة تجاهل تحالف بعض الحكام مع الأعداء والخصوم ضد إخوانهم من أبناء الوطن والأمة ، وهؤلاء الحكام أصحاب تجربة ودراية في هذا المجال ، فإنهم إذا فقدوا المبرر لفعلتهم الشنيعة تلك ، استعانوا بعلماء السلاطين لدق الإسافين بين أبناء الأمة عبر وسائل الإعلام بمبررات فقهية وتعاليم لم تكن بالأمس القريب لتخطر لهم على بال ، لتبرير فعلتهم ، أو لصرف أنظار الناس عنها ، وكأن التعاليم التي استند إليها هؤلاء في إذكاء نار الفتنة وليدة ساعتها ، أو كأنها تجيز لهم أن يستعينوا بالأعداء ضد الأشقاء! ليس هذا فقط بل تراهم يطبقون في عدائهم لإخوانهم القول المأثور : ( رمتني بدائها وانسلت ) ، حيث يلجؤون إلى ( نظرية المؤامرة ) هذه ، فيروجون الأضاليل بأن الشق الثاني من الشعب أو الأمة هو الذي يتآمر ضدهم مع الأعداء ، وهم يعلمون علم اليقين أن أولي الأبصار من الناس يرون ببصرهم وبصيرتهم سوء ما يفعلون !
      وهنالك مثال آخر على عمى البصيرة ، ولكنه من الزاوية المقابلة هذه المرّة ، فإنك ترى بعض البسطاء ـ بتأثير ذلك الإعلام أيضاً وهو الذي يستعين بنظرية المؤامرة كما أسلفت ـ ينجرّون وراء طرف من أبناء الأمة في عداء مرير ضد الطرف الآخر ، مصدقين ـ أو محاولين تصديق ـ ما يدعيه صاحبهم من حرص على الأمة وعلى مصالحها وحرية أبنائها ، والقاصي والداني يعرف أنه بعيد كل البعد عما يدعيه ، وأن أفعاله تكذب أقواله ، وأنه لم يكن في يوم من الأيام إلا العدو المبين لكل ما يدّعيه ، ولربما كان خصمه هو الأقرب إلى هذه المثل السامية منه ، ومع هذا ينجرّ هؤلاء المخدوعون وراء هذا الكذاب الأشر ، الذي يبني بنيان مصالحه الشخصية والعائلية على أنقاض بنيان الأمة
     وأكتفي بذكر نموذج ثالث من عمى البصيرة ، وهو الذي يتمثل في العجز عن رؤية لعبة المصالح بين الأطراف ، فإن بعض المخدوعين يتبعون أصحاب الهوى إذا أرادوا الإساءة إلى طرف هو الأقرب إلى الصدق منهم ، ذلك أن أصحاب الهوى هؤلاء إذا عجزوا عن منافسة الطرف المقابل من أبناء الأمة في ساحة من الساحات اتهموه بناء على ( نظرية المؤامرة ) بمحالفة أعدائها في ساحة أخرى وخاصة إذا اضطرته مصالحه إلى مناورة معينة في تلك الساحة ـ بغض النظر إذا ما كانت المناورة مبررة أم لا ـ متجاهلين أنهم وكما يصفون أنفسهم هم ( الحلفاء الاستراتيجيون ) المخلصون لهؤلاء الأعداء في جميع الساحات وعلى مدى السنوات ! 
     وختاماً ، كم هي صحيحة العبارة التي تقول : ( الشيء الأسوأ من أن تكون أعمى ، هو أن تمتلك البصر وتفتقد البصيرة ) . دامت بصائركم !
----------------------------------------------
لقراءة المقالة عن النسخة الورقية المصورة من جريدة ( الحدث ) الصقحة 18:
https://www.alhadath.ps/…/server/issue80/Alhadth-Issue80.pdf
لقراءة المقالة عن الموقع الإلكتروني لجريدة ( الحدث ) :
https://www.alhadath.ps/…/%D8%B9%D9%85%D9%89-%D8%A7%D9%84%D…

الثلاثاء، 21 فبراير 2017

التربوي الأستاذ عيد فنشة يهنّئ الشاعر شريم بقصيدة.

    هنّأ الأستاذ عيد فنشة وهو أحد رجالات التربية والتعليم ورجال المجتمع المعروفين في مدينة يطا جنوب الضفة الغربية الشاعر محمد شريم بمناسبة صدور كتاب الشاعر شريم ( جواهر الحكمة في نظم كليلة ودمنة ) بالطريقة التي وجدها الأقرب إلى نفسه ونفس الشاعر ، وذلك من خلال قصيدة شعرية أرسلها للشاعر شريم بهذه المناسبة ، وقد شكر الشاعر شريم الأستاذ عيد على هذه اللفتة الكريمة .
    يذكر أن الشاعر شريم هو من عائلة تنتمي إلى قرية ديرأبان قضاء القدس ولكن جذور نسبها تمتد إلى مدينة يطا المجاورة لمدينة الخليل من الجنوب . 
    ومما جاء في هذه القصيدة، وهي بعنوان ( جوهرة ) في إشارة إلى عنوان الكتاب:

أَبا نِضالٍ صَنَعْـتَ اليَـــوْمَ مُعْجِــزَةً = تَزْهُوْ بِها فِيْ رِحَابِ الكَوْنِ مُخْتالا
يَا دَيْرَبـانِيُّ يا بنَ الَعــمِّ جَوْهَــــرَةً = قَدْ صُغْتَهـــا لِفُنــونِ الشِّعْرِ تِمْثـالا
كُنْ غَيْمَةً فِيْ سَماءِ الكَوْنِ مُمْطِرَةً = والكُلُّ يَشْكُــوْ مِنَ الغَيْمــاتِ إقْلالا
يَا بَيْدَبـــا فُقْتَ جَمْعـاً مِنْ فَلاسِفَــةٍ = أَصْبَحْتَ دَوْماً لِفَنِّ الشِّعْرِ مِقْــوالا
مِنّـي إِلَيْــكَ دُعـــاءً خَالِصـــاً أَبَــداً = يَحْمِيْـكَ رَبِّيْ مِنَ الحُسَّــادِ أَجْيـالا



إشارة : ( أدباء فيسبوك ) والحَسناء !

مقالة الشاعر محمد شريم ( إشارة ) التي نشرها يوم الثلاثاء 14/2/2017 موقع جريدة ( الحدث ) ،
وهي تحت عنوان : ( أدباء فيسبوك ) والحسناء ! :
-----------------------------------------------------------------------------------
إشارة:
             ( أدباء فيسبوك ) والحسناء !
                                                   بقلم : محمد شريم

     من يقرأ هذه السطور من زملائي الكتاب والشعراء الذين شاركتهم البدايات ، سيتذكر حتماً ما عاناه كل منا من إلحاح التشّوق ، أو التحرّق ، إلى أن يرى نصّاً من النصوص التي اعتصرها من فكره وخطّها بقلمه ، على صفحات جريدة أو بين دفتي مجلة ، ذلك أن هاتين الطريقتين هما المدخل الصحفي والإعلامي المتوفر للوصول إلى المتلقين ، آنذاك ، فلا إذاعة ولا تلفاز في وطن صغير محتل ، ولا قنوات فضائية في وطن كبير ، نفترض أنه خارج مساحة الاحتلال ، أما وسائل الإعلام الإلكتروني الحاسوبي من مدونات ومواقع أدبية ومواقع للتفاعل المجتمعي ( التواصل الاجتماعي) فتلك نعمة كانت في عالم الغيب ، ولذا فإنها لم تكن لتخطر لنا على بال !
    وما دامت الصحف والمجلات هما الوسيلتان الإعلاميتان المتوفرتان أمام الأدباء لنشر إبداعاتهم ، وما دامت المساحة المتاحة للأدب هي صفحة في صحيفة تخصَّص للأدب والثقافة مرة في الأسبوع ، أو صفحات مجلة تصدر مرة في الشهر، في أحسن الأحوال ، فمن الطبيعي والحالة هذه أن يكون التنافس بين المواد المرشّحة للنشر شديداً ، وخاصة في المرّة الأولى ، والتي تعتبر الخطوة الأولى التي يضع بها الأديب قدمه على عتبة ( صاحبة الجلالة ) ، وما دام التنافس شديداً ، فلربما خرج التنافس عن كونه بين ( كتابات ) ليكون بين ( كُتاب) في سبيل تحقيق هذه الخطوة ، بما يعنيه ذلك مما هو عن ذهن المواطن العربي ، في أيامنا هذه ، ليس ببعيد ، وهو الأمر الذي قد ينتج عنه بعض الإشكاليات المتوقعة ، أو غير المتوقعة ، كالذي حدث معي في أول نصّ نُشر لي ، وكان قصّة قصيرة ، فقد أرسلتها إلى صحيفة مع من سبقني بـ (خطوة العتبة ) بمدة وجيزة ، فما كان منه إلا أن نشرها باسمه ، وجاءني معتذراً بحجة لم يقبلها عقلي ، وتبيّن لي فيما بعد عدم صحتها ، ولكن نفسي طابت بهذه الحجة لفرحي بأن أرى نصّاً كتبته أنا ، ومن إبداعي ، على صفحات جريدة ، غير أنني ومنذ تلك الحادثة لم أكتب القصّة القصيرة أبداً !
    أما اليوم ، فقد أصبح النشر ميسّراً بفضل التكنولوجيا أفضل من ذي قبل ، وخاصة بعد انتشار المدوّنات والمواقع الأدبية ومواقع التواصل الاجتماعي ، وأهمها في بلادنا ( فيسبوك ) ، فبفضل هذه النعمة أصبح بإمكان الكاتب نشر ما يشاء ، وقتما يشاء ، بل توفرت للصغير والكبير والعالِم وحتى الجاهل وسيلة إعلامه الخاصة التي يديرها بذاته ويحررها بنفسه .
    ولكن الإنسان الذي كثيراً ما يحوّل نعم الله نقماً ، فيقطع أشجار الغابات ، ويلوث الأنهار، ويطأ بساط الثلج الأبيض الناصع بقدمه الملطّخة بالوحل ، قد أفسد على نفسه ـ في كثير من الأحيان ـ هذه النعمة ، وأعني هنا نعمة مواقع التواصل الاجتماعي والمدونات والمواقع الأدبية وغيرها ، فعمد إلى تشويهها ، بنشر المنشورات التي تفسد ولا تصلح ، وتضر ولا تنفع، وتهدم ولا تبني ، وقد كان لبعض هواة الأدب ـ وخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي ، وأهمها فيسبوك ـ في ذلك نصيب ، وأعني بهذا القول هواة الكتابة الذين لا مستقبل لهم في ميدان الأدب ، وهم الذين أسميهم في هذه المقالة ( أدباء فيسبوك ) ، من باب المجاز ، مع التنويه إلى أنني لا أتحدث عن أصحاب التجربة الأدبية المعروفين الذين لهم صفحاتهم وحساباتهم على فيسبوك ، ولا عن ذوي المواهب الجادّة الذين يشقون طريقهم إلى المتلقي بتوظيف هذه الوسيلة السهلة المتوفرة ، كما أنني لا أتحدث عن شخص معين ، أو أشخاص معينين ـ حاشا وكلا ـ ولكنني أتحدث عن ظاهرة بادية للعيان ولا تخفى على أحد.
    فما أن ظهرت مواقع التواصل الاجتماعي حتى بدأت منشورات هؤلاء الهواة تنتشر على صفحات هذه المواقع انتشار النار في الهشيم ، فيكتب الواحد منهم ما يظنه أدباً وشعراً ، دون أن يراعي للأدب منهجاً قويماً ، وللشعر وزناً مستقيماً ، بل دون أن يحفظ لكليهما لغة سليمة ، لأنه لا يستطيع أي شيء من ذلك ولا يقدر عليه، ومع هذا ، فإذا كان هذا ( الهاوي) نشيطاً في تواصله ومتابعته ، ويتقن إدارة العلاقات الاجتماعية ، ويحسن لفت الانتباه إليه بإحدى طرقه ، ومنها حُسن الهيئة ، وخاصة لدى بعض النساء ، فإنه سيقطف العشرات بل المئات من تسجيلات الإعجاب ، وذلك من باب مجاملة الأصدقاء من ناحية ، وافتقار بعضهم إلى القدرة على معرفة المواصفات والشروط الفنية فيما يمكن أن نسميه شعراً أو أدباً من ناحية أخرى ، فإن الكثير من البسطاء مثلاً يحسبون كل سطرين تشابه الحرفان الأخيران منهما شعراً ، فينطلق هؤلاء ( الهواة ) من جهلهم الذاتي بحقيقة الأدب ، ليستغلوا بساطة غيرهم من الأصدقاء الاجتماعيين أو ( الفيسبوكيين ) ، ويقتنصوا منهم تسجيلات الإعجاب التي بناء عليها يعلنون عن أنفسهم شعراء وأدباء!
    ولو توقف هؤلاء عند هذا الحد ، فلربما هان الأمر ، ولكن البعض منهم قد اشتطّ في تقدير نفسه ، وغالى في الافتتان بها ، حتى أنشأ صفحة باسم صفحة أصدقاء أو أحباء أو مُريدي وربما أتباع أو أنصار الشاعر أو الكاتب فلان ، ومنهم من أعطى لنفسه صلاحية أن يوزع على غيره الألقاب الفخرية وشهادات التقدير ، فيا للعجب!
    إننا لأصدقاء هؤلاء الهواة نقول : أيها المبالغون في التشجيع عن غير دراية ولا علم رفقاً بأصدقائكم ، فلا تغرروا بهم ، ورفقاً بالأدب حتى لا تفسدوا بالمبالغة في تقدير ما يكتبون معنى الأدب وقيمة الإبداع .
    كما أننا لهواة الكتابة هؤلاء نقول : رفقاً بأنفسكم أيها الأحباب ، ليس لأحد أن يمنعكم من التعبير عن أنفسكم ، وبأجمل ما يمكن أن تروه مناسباً ، وليس لأحد ـ أيضاً ـ أن يؤاخذ أياً منكم لأنه يمتلك من الطموح الكثير ، ولكن خذوا برأي من قال : ( رحم الله امرأ عرف قدر نفسه !) ولا تحمّلوا أنفسكم ما لا طاقة لكم به ، حتى لا ينتهي الحلم ذات صباح ويصحو الواحد منكم على واقع مرير ، وخيبة أمل قاسية ، فينطبق عليه قول القائل : خدعوها بقولهم حسناء !
-------------------------------------------------
لقراءة المقالة من موقع جريدة ( الحدث ) يرجى الضغط على هذا الرابط:

أعجبنيعرض مزيد من التفاعلات
تعليق

الخميس، 9 فبراير 2017

( جواهر الحكمة في نظم كليلة ودمنة ) للشاعر شريم في معرض (الدار البيضاء)

    في المغرب ، يعرض كتاب ( جواهر الحكمة في نظم كليلة ودمنة ) للشاعر محمد شريم وذلك في ( معرض الدار البيضاء الدولي للكتاب ) الذي يفتتح اليوم 9/2/2017 ويستمر حتى 19/2/2017 .
    وسيعرض الكتاب في جناح وزارة الثقافة الفلسطينية ضمن الكتب التي تعرضها ( مكتبة كل شيء ) في حيفا التي صدر عنها الكتاب  . 

الأربعاء، 8 فبراير 2017

إشارة : ما زلنا ننشد ( بلاد العُرب أوطاني ) !

 مقالة الشاعر محمد شريم ( إشارة ) في العدد ( 79 ) الصادر يوم أمس الثلاثاء 7/2/2017 من جريدة ( الحدث ) وفي موقعها الإلكتروني :
------------------------------------------------------------------------


إشارة :

                 ما زلنا ننشد ( بلاد العُرب أوطاني ) !
                                                                                                                                                            بقلم : محمد شريم
     كم كنا سعداء ويحدونا الأمل ويملأ قلوبنا الانتماء إلى وطن واحد مترامي الأطراف ، بين المحيط والخليج ، ونحن ننشد على مقاعد الدراسة في أواسط السبعينيات من القرن الماضي النشيد العروبي ( بلاد العرب أوطاني ) الذي نظمه الشاعر السوري فخري البارودي ولحّنه الأخوان فليفل . حينذاك رسم الكثيرون من أبناء جيلي خريطة الوطن العربي ، في أذهانهم بعين المستقبل ، بلا حدود مصطنعة ، أما أنا فقد رسمتها أيضاً بريشة الواقع على ورقتين متقابلتين أخذتهما من كراسة الرسم المدرسية ، فخططت ـ بخط باهت بعض الشيء ـ الحدود الداخلية التي تشي استقامتها الهندسية في كثير من المواضع بكونها مصطنعة من قبل المستعمرين الذين تركوا وراءهم من ستُلزمهم مصالحهم الشخصية والعائلية بالمحافظة عليها ، وألصقتُ تلك الخريطة على الجدار ـ خلفي ـ في الموضع الذي كنت أراجع فيه دروسي وأخطو فيه خطواتي الأولى في ميدان الكتابة .
     حينذاك لم يكن هذا الشعور مستغرباً ، لأنه لم يكن بالشيء العجيب أن ندرس على مقاعد الدراسة ونحفظ النشيد السوري ( حماة الديار ) الذي لحنه أيضاً الأخوان فليفل من لبنان ، والنشيد الجزائري ( قسماً ) الذي لحنه المصري محمد فوزي ، وذلك في مقرر اللغة العربية ضمن المنهاج الأردني ، وعلى أرض فلسطينية ، ففي تلك المرحلة كان المدّ القومي والمشاعر العروبية يحتفظان بعزهما الذي كان في أواسط القرن العشرين وبلغ أوجه بأن تجسد في الوحدة بين مصر وسوريا في العام 1958 .
   أما اليوم ، فالصورة تختلف بعض الشيء ، ولذلك نجد أحوالنا في مختلف المجالات تمشي القهقرى ، فقد صار من الممكن أن تجد في بلد الأخوين فليفل لبنان ـ على سبيل المثال ـ عام 2009 كتلة نيابية باسم ( لبنان أولاً ) ، وهو الأمر الذي ترفّع عنه في حينه الشاعر البحتري ، في العصر العباسي ، حينما قال متفاخراً ومقدماً مشاعره العروبية على أي انتماء قبلي أو سياسي :
نحن أبناء يعربٍ أعربُ الناس لساناً وأنضرُ الناس عوداً
   فقد بدأ المدّ القومي بالانحسار في منتصف الثمانينيات من القرن العشرين ، أي بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران ، وما تبع ذلك من صعود للتيارات الإسلامية في الوطن العربي لأسباب عديدة ، ولا يعني ذلك أن صعود التيار الديني يدفع بالضرورة إلى هبوط التيار العروبي القومي ، لا ، بل إنهما من الممكن أن يتعايشا معاً ، ومن الممكن أيضاً أن يشكلا تياراً إسلامياً عروبياً ، أو عروبياً بتوجهات إسلامية ، كتلك التي توحي بها أفكار الشيخ عبد الرحمن الكواكبي والمفكر محمد عزت دروزة ، بحيث يؤخذ بالاعتبار أن الإسلام هو دين الغالبية من أبناء المجتمع العربي ، وفي نفس الوقت تحفظ لجميع المواطنين على اختلاف انتماءاتهم الدينية والطائفية والعرقية مواطنة متساوية أمام القانون ، ويكون الهدف الأشمل هو إقامة وحدة عربية تكون نواة صلبة لاتحاد إسلامي .
   ومن هذا المنطلق ، فإن من الخطأ ـ كما أرى ـ الاعتقاد أن صعود التيار الإسلامي كفكر كان نتيجة فشل التيار العروبي كفكر ، بل إن هذا الصعود كان له أسبابه الموضوعية ، ومنها فشل القيادات التي رفعت الشعارات القومية والعروبية في تحقيق أهداف الجماهير العربية في مختلف المجالات ، وربما كان من هذه الأسباب فشل تلك القيادات في إيجاد أرضية التعايش أو حيّز التعاون أو التكامل بين هذين التيارين .
    أما اليوم ، ونحن في العقد الثاني من القرن الحادي العشرين ، فإن الشعور بأهمية إنجاز الوحدة العربية والتوجه نحو تحقيقها بدأ بالتجدد ، وعلى نطاق واسع ، فالعرب هم الأمة الوحيدة على وجه الأرض التي تتقاسم أبناءها أكثر من عشرين دولة ( أو دويلة ) ، في الوقت الذي نرى فيه أمماً وشعوباً مختلفة تجتمع لتكوّن دولة واحدة ، فيا للعجب ! ، ولكن هذا التوجه العربي العروبيّ المتجدد هو بمبادرة جماهيرية هذه المرة ، بخلاف الدعوات السابقة التي كانت من خلال نخب حزبية أو رموز انقلابية ، لم تستطع ـ أو لم يخطر ببالها ـ انجاز تصميم لعلم عربي قومي موحّد تنظر إليه العيون وتتحلق حوله الأفئدة ، يُرفع إلى جانب أعلام التفرقة القطريّة ، باستثناء علم ( الثورة العربية الكبرى ) الذي رُفع في حينه .
     ومن مؤشرات هذا التوجه الجماهيري نحو الوحدة ما نطالعه على مواقع التفاعل المجتمعي ( التواصل الاجتماعي ) من صفحات تسير بهذا الاتجاه ، ومنها تجربة شاركت فيها بشكل شخصي مع بعض المفكرين والناشطين الاجتماعيين الفلسطينيين والعرب ضمن فكرة ( اتحاد الوطن العربي ) منذ عامين . وما دمنا تحدثنا عن التوجه العروبي مبتدئين بنشيد فخري البارودي ، يكفي أن نذكر أن الجماهير في بلدان الربيع العربي ، الذي جعلناه خريفاً ، كان نشيدها الذي لا يفارق الساحات هو نظم البارودي هذا ، وهو يرسم بالكلمات حلم المستقبل العربي بقوله : ( بلاد العرب أوطاني ) ! 
------------------------------------------------------------------------
لقراءة المقالة من الصحيفة المصورة ( pdf ) ص21 :
http://www.alhadath.ps/f…/server/Issue79/Alhadth-Issue79.pdf
------------------------------------------------------------------------

لقراءة المقالة عن الموقع ، يرجى الضغط على الرابط أدناه :

http://www.alhadath.ps/…/%D8%A5%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D9…

الأحد، 29 يناير 2017

( 8 ) أنا والمطر !

طَرِبْـتُ لِأَصْـواتِ وَقْـعِ المَطَــــــرْ      وَعَزْفِ الرِّيَـــاحِ بِنَــــايِ الشَّجَــــرْ
فَطَـابَ لِـيَ الدِّفْءُ فَـوْقَ السَّريْــرِ     وَلَـذَّ لِــيَ الغَفْــــوُ قَبْــــلَ السَّحَـــــرْ
وَقَـــدْ نَاءَتِ الأَرْضُ بِالزَّمْهَريْـــرِ     وَبِالبَـــرْدِ مَـنْ فَوْقَهَـــا قَــدْ شَعَـــــرْ

فَدَقَّــتْ خَوَاطِــرُ قَلْبِـي الشَّفِيْـــــقِ     مِــنَ العَقْـــلِ بَابَ نَبِيْــــلِ الفِكَـــــــرْ
وَقَالَـتْ : سُرِرْتَ بِدِفْءِ الفِــراشِ     أَحَقّـــــاً تَكُــــونُ أَخـــــاً لِلْبَشَـــــــرْ
وَلَـمْ تَـدْعُ رَبَّــكَ مِـنْ أَجْـــلِ مَـــنْ     يُصَارِعُ في البَرْدِ ـ هَذا ـ الخَطَــرْ؟!
فَثَمَّـــةَ مَـنْ حَاصَرَتْــهُ السُّيُــــوْلُ     وَمَـنْ سَـارَ فِي الوَحْـلِ بَيْنَ الحُفَـــرْ
وَثَمَّـــــةَ مَــنْ غَالَبَتْــــهُ الرِّيَـــاحُ     وَمَـنْ بَـــلَّ أَطْرَافَــــهُ مَا انْهَمَــــرْ !
فَقُلْـتُ : أَيَــا رَبُّ أَنْـتَ اللَّطِيْــــفُ     بِأَمْـــرِكَ تَمْتَـــــدُّ كَــــفُّ القَـــــــــدَرْ
فَدَثِّـــرْ بِحِفْظِــــكَ مَـــنْ مَسَّهُــــمْ     مِـنَ البَـرْدِ سُـــوْءٌ بِشَتَّـى الصُّــــوَرْ
إِذا ابْتَــلَّ بِالغَيْــمِ بَعْــضُ الأَنـــامِ     وَقَـــدْ جَاءَهُـــــمْ بَـرْدُهُ بِالضَّـــــــرَرْ
فَلَـــذَّ لِجِسْمِــيَ دِفْءُ الفِـــــراشِ     سَأَشْعُـرُ بِالـرُّوْحِ تَحْــتَ المَطَــــرْ ! 

.

محمد شريم


27/1/2017