الجمعة، 21 أكتوبر 2016

بالودّ الذي أفسدته السياسة ( فلسطين تجمعنا )!

هذه المقالة ضمن سلسلة المقالات التي تحمل اسم ( إشارة ) والخاصّة بموقع جريدة ( الحدث ) الفلسطينية الورقية ، وقد نشرها الموقع  المذكور بتاريخ  18/10/2016 م .


______________________________________________________________

إشارة : بالودّ الذي فسد ( فلسطين تجمعنا ) !

                                                                                بقلم محمد شريم

يقول العقلاء والحكماء : ( الاختلاف في الرأي لا يُفسد للودّ قضية ) ، أما لدينا ـ ولا فخر ـ فقد أفسدها ! فإذا اعترفنا بهذه الحقيقة ـ وهي الحقيقة الوحيدة التي لا تحتمل الخلاف ـ فإنه يتوجب علينا أن نطرح تساؤلين اثنين ، الإجابة عن الأول ضرورية للإجابة عن الثاني منهما : كيف كان ذلك الفساد ؟ وما هو المطلوب ؟

وقبل أن نجيب عن هذين التساؤلين ، من المناسب أن نشير إلى أن الذي دار في خلد الحكيم عندما قال هذه المقولة ، هو أن المقصود بالاختلاف ما يمكن أن يكون من تباين في وجهات النظر تجاه قضية علمية أو عملية عامة ، قد تخصّ أبناء فئة من الفئات ، أو مجتمع من المجتمعات ، أو أبناء أمة واحدة ، أو الإنسانية جمعاء ، وذلك من منطلق الحرص على الصالح العام ، وليس التكالب على المصالح الخاصّة . فإذا كان الاختلاف ضمن هذا الإطار فلا شك أنه سيكون خفيفاً لطيفاً ، لا يخرج عن السياق المعيّن ، ولا يتجاوز السقف المحدد ، وبهذا المفهوم يكون الاختلاف مظهراً حضارياً من ناحية ، ومفيداً من ناحية أخرى ، لأن تعدد الآراء يقود بالضرورة إلى اختيار الرأي الأمثل وسلوك الدرب الأفضل .

والمتابع لوضعنا المتردي على الساحة الفلسطينية يجد ـ والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه ـ هذه الساحة مليئة بالاختلافات والتناقضات التي بدأت ـ أول الأمر ـ بخلافات مشروعة في وجهات النظر ، لم نحسن التعامل معها ، فقادت إلى تحالفات إقليمية وأخرى خارج الإقليم ، وللحليف اشتراطاته ، وللحلف أحكامه ، ثم ما لبثت أن دخلت مصالح فئوية ، وأخرى شخصية لدى هذا الطرف أو ذاك ، من أطراف الخلاف ، فخرجت الأطراف عن المفهوم المحمود للاختلاف ، لتقودنا إلى التلامز والتنابز فالتدابر والتناحر .

وعلى صعيد الثقافة والإعلام ، لم يقف الكثير من الإعلاميين والكتاب والفنانين بعيداً عن مواطن الخلاف ومعارك الصراع ، بل كان الكثير منهم جزءاً منها ، ومحرّضاً عليها ، سواء أكان ذلك بقصد ، أو بدون قصد ، ولا يعني ذلك أنني أدعو إلى هضم هؤلاء حقهم في التعبير عن مواقفهم ، فهم جزء من الشعب ، بل هم مفكّروه ومثقفوه ، ومن حقهم ، بل من واجبهم أن يكون لهم رأيهم فيما يجري من أحداث ، ولكن هنالك فرق شاسع بين إبداء الرأي وطرح الفكرة واستثارة البصيرة ، وبين ما انزلق إليه بعض هؤلاء من صب الزيت على نار الخلاف المتضرّمة أصلاً بالانخراط في السّب والشّتم والتعريض والتحريض ، كحال الكثير من السياسيين ، فإذا سمح السياسيون لأنفسهم أن يدخلوا هذه المداخل ، لهذا السبب أو ذاك ، فظني أنه لا ينبغي للمثقفين فعل ذلك ، ليس فقط لأنهم مفكرون ، وهذا يتنافى مع التفكير السليم ، بل لأنهم من المفترض أن يكونوا صمامَ الأمان الذي يمنع السياسيين من الدخول في المحظور ، وحاجرَ الطريق الذي يحذّرهم من الخروج عن المسار المحدد ، وفي هذه الحال ، يكون موقعهم بالنسبة للسياسيين في موقع القائد ، وليس المَقود !

إن المطلوب من المثقفين ، على اختلاف تسمياتهم واهتماماتهم أن يرفعوا راية الثقافة الوطنية بأبهى صورها ، فيوظّفوها في إصلاح ما فسد من الودّ ، حتى يكونوا عناصر تجميع وليس تفريق ، ودعاة وحدة وليس طلاب فرقة ، وأن ينفخوا مزامير الفرح ، لا أن يقرعوا طبول الحرب ، فهذا هو دورهم ، وتلك هي رسالتهم .

لقد راقت لي ، وللكثيرين غيري ، مبادرة طرحت مؤخراً من قبل إعلاميين حريصين على استقامة الطريق ، وسلامة الغاية ، ألا وهي مبادرة ( فلسطين تجمعنا ) التي ما أن انطلقت حتى رفدها عدد لا بأس به من الكتاب والشعراء والإعلاميين والمثقفين بشكل يدعو إلى الاحترام ، ويثير الإعجاب . فإنهم ـ وعلى الرغم من أن لكل منهم وجهة نظره فيما يجري ـ قد عبروا عن آرائهم بكل حصافة ورزانة وانتماء ، فأرسلوا نداءاتهم ، التي تفيض حرصاً وانتماء ، إلى أبناء شعبهم حتى ينبذوا الفرقة ويتجنبوا الشقاق ، فكانوا دعاة مخلصين ، لينجذب الجميع باتجاه محور واحد موحّد ، هو فلسطين ، ولا شيء غيرها !

الأربعاء، 12 أكتوبر 2016

جريدة (الحدث) الورقية تبدأ نشر (إشارة) للشاعر شريم

ابتداء من العدد (71) من جريدة ( الحدث الفلسطيني ) الورقية ، وهو العدد الصادر يوم أمس الثلاثاء الموافق 11/10/2016 ، ستتضمن النسخة الورقية من الجريدة زاوية تحمل اسم ( إشارة ) وهي بقلم الشاعر والكاتب محمد شريم ، وذلك إلى جانب نشرها في النسخة الإلكترونية من الجريدة . ومن الجدير بالذكر أن النسخة الورقية من ( الحدث ) هي نصف شهرية ، وتصدر يوم الثلاثاء كل أسبوعين .




الأربعاء، 5 أكتوبر 2016

(5) الكَاتِبُ وَالإِرْهَابِيّ !


بِغُرْفَتِهِ ..
عَلَى مَكْتَبٍ بَائِسٍ قَدْ جَلَسْ

وَفِيْ بالِهِ فِكْرَةٌ حَلَّقَتْ
كَطَيْرِ اليَمامْ ..
بِاُفْقِ السَّلامْ ..
فَقَرَّرَ تَدْوِيْنَ مَا قَدْ هَجَسْ
لِيَحْمِلَهُ رايَةً أَوْ قَبَسْ
تَناوَلَ قِرْطاسَهُ مُلْهَما ..
وَفيْ يَدِهِ قَلَمٌ كَالرَّصاصْ..
وَقَرَّرَ تَعْلِيْقَ ذاكَ الجَرَسْ
فَدَاهَمَ عَيْنَيْهِ غُوْلُ النُّعاسْ
وَشاهَدَ نَافِذَةً في الجِدارْ
وَخارِجَها كانَ شَيْخُ الحَرَسْ
عَلى صَدْرِهِ أَرْفَعُ الأَوْسِمَهْ
يُحَدِّقُ فِيْهِ بِعَيْنِ السُّعارْ
يَسُدُّ الفَضاءْ..
فَيَحْجِب عَنْهُ شُعاعَ الضِّياءْ..
فَأَوْجَسَ كَاتِبُنا خِيْفَةً..
وَفِيْ صَدْرِهِ اشْتَدَّ عَصْفُ الأَلَمْ
وَطَالَبَهُ خَصْمُهُ بِالقَلَمْ
لِيَحْسِبَ قائِمَةً .. رُبَّما ..
يُسَجِّلُ فِيْ طَيِّها ما اخْتَلَسْ !
فَنَاوَلَهُ ما ابْتَغَى رَهْبَةً ..
فَسَوَّى الشَّقِيُّ حِساباتِهِ ..
وَقَطَّبَ مُسْتَنْفِراً حاجِبَيهْ ..
بِوَجْهٍ عَبَسْ !
وَقَدْ ثَلَّمَ القَلَمَ المُبْتَرى..
فَأَيْقَظَ كَاتِبَنا ما جَرى ..
وَحِيْنَ صَحا ..
وَقَدْ فَرَّ مِنْ مُقْلَتَيْهِ السُّباتْ
رَأَى نَفْسَهُ ضَاغِطاً فِيْ ثَباتْ ..
وَفِيْ يَدِهِ قَلَمٌ قَدْ ثُلِمْ !
فَقَامَ بِصَمتْ ..
وَقَدْ ثَارَ فِيْ صَدْرِهِ ما احْتَبَسْ..
فَأَحْضَرَ مِبْراتَهُ مِنْ جَدِيدْ ..
فَفِيْ ذِهْنِهِ طائِرٌ مِنْ بَعِيدْ ..
يُحَلِّقُ فِيْ أُفْقِهِ .. ما انْتَكَسْ !

محمد شريم
5/10/2016

الثلاثاء، 4 أكتوبر 2016

الشاعر شريم يكتب سلسلة " إشارات" لجريدة ( الحدث ) الورقية وموقعها .

بدأ الشاعر والكاتب محمد شريم ابتداء من تاريخ 22/9/2016 بكتابة سلسلة مقالات نحمل اسم ( إشارة ) ، وقد تم الاتفاق بين الشاعر والكاتب شريم وإدارة تحرير جريدة ( الحدث ) الفلسطينية الورقية وموقعها الإلكتروني على نشر هذه " الإشارات " على صفحات الجريدة والموقع . وقد شكر الشاعر شريم هيئة تحرير الجريدة من خلال مدير تحريرها الإعلامي الفلسطيني الأستاذ  أحمد زكارنة لاهتمامهم بالتواصل مع الكتاب والأدباء وبنشر إبداعاتهم .

نصف الحب ممكن .. نصف البغض جائز !

هذه المقالة ضمن سلسلة المقالات التي تحمل اسم ( إشارة ) والخاصّة بموقع جريدة ( الحدث ) الفلسطينية الورقية ، وقد نشرها الموقع  المذكور بتاريخ اليوم 4/10/2016 م .

______________________________________________________

إشارة : نصف الحب ممكن .. نصف البغض جائز !

                                                                بقلم محمد شريم



مما نسب إلى الإمام علي ـ كرم الله وجهه ـ قوله : ( أحببْ حبيبكَ هوناً ما ، لعله يصبح بغيضك يوماً ما ، وأبغض بغيضك هوناً ما لعله يصبح حبيبك يوماً ما )، وعندما قال الإمام الحكيم ذلك، وهو الذي أثنى على علمه وفهمه النبي الكريم ـ صلى الله عليه وسلم ـ وفق ما أورده بعض الرواة في العبارة المعروفة : ( أنا مدينة العلم وعلي بابها )، فإنما قال الإمام ذلك عن عِلم ودراية ناتجة عما كان يراه من طباع الناس في ذلك الزمان                                            
 والمتأمل في طباع الناس في هذه الأيام أيضاً، يجدهم في أمس الحاجة إلى هذه الحكمة، النصيحة، فهم إلى المغالاة في مشاعرهم أقرب من الاعتدال فيها، سواء في ذلك أكانت المشاعر مشاعر الحب، أو مشاعر البغض، وذلك مردّه ـ كما أرى ـ إلى أننا في الشرق العربي، وفي بعض المناطق المجاورة ، مجتمعات تسوقها العاطفة، وتعصف بها ريح الهوى، بعيداً عن التفكير السليم والنهج القويم.
ألم تر أينما اتجهتَ، وأنت تقلب عينيك في المحيط الذي تعيش فيه تغير اتجاه بوصلة مشاعر الناس، بسرعة البرق، من النقيض إلى النقيض، حتى ألِفْنا أن نردد البيت القائل : (ما سُمّيَ القلب إلاَّ من تقلبـــه فاحذر على القلب من قَلْب وتحويلِ ) ؟! فإننا إذا أحببنا حبيباً توجناه ملكاً في قلوبنا، وقلنا فيه ما لم يقله المتنبي في سيف الدولة الحمداني، وإذا أبغضنا عبداً من عباد الله، وضعنا من شأنه، وقللنا من قيمته وقدره، وقلنا فيه ما لم يقله الأديب الأندلسي ابن زيدون في رسالته ( الهزليّة ) التي جعل فيها من ابن عبدوس منافسه على حب ولادة بنت المستكفي أضحوكة بين الناس، متناسين أن هذا الحبيب من الجائز أن يصبح بغيضاً ذات يوم، وأن هذا البغيض من الممكن أن يصبح حبيباً ، وفي كلتا الحالتين ـ إذ ذاك ـ سنعضّ أصابع الندم .
وليت هذا الأمر ـ وأعني أمر المشاعر التي تتقاذف علاقات الناس كما تتقاذف الريح أوراق الخريف ـ مقتصراً على الأفراد ، وفي الإطار الاجتماعي الضيق ، وإنما أصبحت هذه الحالة تنسحب لتشمل الإطار الأوسع، أي أنها امتدت وانتشرت لتصبح على مستوى الجماعات ، فأصبحت الفئة من الناس لا ترى في الفئة الأخرى إلا وجوه الخلاف ، ومواضع الاختلاف، وتتعامى عن أن ترى فيها ما يمكن أن يفتح باباً من أبواب الوفاق، أو درباً من دروب الاتفاق لبلوغ هدف منشود أو غاية مرجوّة ، وذلك من خلال البحث عما يمكن أن يكون بين الفئتين مما ينفع ويَجمع، ويقارب ولا يباعد ، وهذه هي الطامة الكبرى ! لماذا ؟ لأن مثل تلك المشاعر عندما تكون على مستوى الأفراد فإنها تفسد العلاقة بين بعض أفراد المجتمع ، أما عندما تكون بين فئة من الناس وأخرى، أو بين فئات عديدة، قد يكون بينها تمايز في الانتماء العرقي أو الديني أو الطائفي أو المذهبي أو الأصل الاجتماعي أو الانتماء الإقليمي فإن ذلك يوجد شرخاً بين فئات المجتمع، وفي سياق بحث الفئة عن سبل الحماية من الفئة، أو الفئات الأخرى، تكون مضطرة للبحث عن نقاط الضعف لدى تلك الفئة، أو هؤلاء الفئات، وهكذا يتحول الشرخ إلى انفصال، فإذا وُجِد مِن ذوي المصالح، ومن ضعاف النفوس والعقول ، من يصب النار على الزيت ليذكي نار الفتنة، يتطور الانفصال إلى عداء، وهذا ما يعني انفراط عقد المجتمع ومن ثم انهياره التام .