شعر :
محمد شريم
لا تسألـونـي أيّهـــــــا عُنوانــــي
أرضُ العروبةِ كلهـا أوْطانـي
فـَمِـن الجزيــــرةِ للعــراق لجِلـَّــق ٍ
ولمِصْرَ مُـتـَّجهـــاً إلـــى تطــوان ِ
هِـي دوحــة مَلأ العيـونَ رُوَاؤهـــا
مخضَـــرَّةٌ مُـمـتـدَّة الأغصـــــان ِ
قـد وحَّدتنــا فـي ظِــلال فروعِهـــا
لغــــــة تضُــــمّ بلاغـَــة َالقــرآن
تنســابُ مِـن بين الشِّفـــاهِ برقـَّــــةٍ
فتظنّهــا ضَربــــاً مِنَ الألحـــــان
أو
لجّـــــة ً رقـْـراقـَـــــة ً ببُحَيــرةٍ
أو جَدولاً متسَـلسِـلَ
الجَـرَيــــــان ِ
سُـدْنا بهـا مِـن بَعد ما سـادتْ بنـــا
وبها مَـلـَكـْنــا قـوَّة
السُّـلـْطــــــان ِ
فتفرَّعـتْ منهـا غصُونُ حَضــارةٍ
بفضَاء تاريــــخ ٍ مِـنَ الأزْمــــان
قد حدَّدَ الدِّيــنُ الحنيــف مَسارَهــا
وبها أحاطتْ هالـَــــة ُالإيمــــــان
ِ
عُظمى الحضاراتِ التي قد أزْهَرتْ
تلكَ الـَّتي نـَبـَتـَتْ مِـن الأديــــــان ِ
عَـهْـــدٌ مضـى مُتلألئـــاً بأشعَّــــةٍ
تزهو بحُســن تناسُــق ِ الألـــوان ِ
وتـألـَّقـتْ مـن مَـاسَـــةٍ عربيّــــــةٍ
فيهــــا تكامَــــلَ رَونـقُ
الـبُـلــدان ِ
رَوَت
العُيــونَ،وقد تدَفق حُسنهـا،
مِـن فيض سِحْــــر بَـاهــر فـتـّـان ِ
فتراقصَـتْ أرواحُنـــا مِـن نشــوَةٍ
وكأنـَّهـا غصْـنٌ مِـن
الـرّيْحَـــــان ِ
فلعــلّ غصنــاً قـد ذوى بنفوسِنـــا
أو كادَ ، في زمَــن مِـن الخـِـذلان ِ
يَسْري بقشرتِهِ النُّضُورُ وقد جرى
ماء الحـيَـــاة ِ بعودِه ِ
الرَّيـَّـــــــان ِ
يـا ربّ ُ يـا رَحمـنُ أدركْ أمَّــــــة ً
قـُلِـبَـتْ عليهــــا كـَفـَّـة
ُالمِيــــزان ِ
وأصابَهــا سـهــمُ النوائبِ بَعدمـــا
بَـلـَغـَتْ من العَـليـــاءِ أيَّ
مَكـــان!
فإذا اعتلى الجهلاء صَهوة أمْرهـا
آلـَـتْ شكيمتـُــهُ إلــــى
الطغيـــان ِ
وبَغـى عليهــا الطامعــون بغِيِّهــم
وعَـدَتْ عليهـــا آلـَـــــة
ُالعُــدوان ِ
وتخطَّفـتْ
كـلُّ الجهــات ولاءَهــا
ورجاءَهــا فـي السّــرِّ والإعـلان ِ
فـَتـَفـَتـَّتـَتْ
وتـَشـَتـَّتـَتْ أجزاؤهـــا
وجَميعهــا قـد بـَـاءَ بالخـُسْــــران ِ
وطـوى
مَصالحَهـا التي لــم تتحدْ
لِـتـَصـونـَهـا ظِـلٌ مِـن الـنـِّسـيـان ِ
أمِـن
الغـَرابــةِ أن نؤلـِّـفَ وَحْــدةً
تبدو عـلى الدُّنيـا كـَعِـقـْدِ جُمَـــان ِ
كي لا
نكون كمَنْ أتتهـم عاصِـفٌ
في مَركـَب
ٍ يخْـلو من الرُّبـَّــــان ِ
فتجادلـوا بمَصيرهـم وتنازَعـــوا
حَــوْلَ الذي قد كـــانَ
بالإمكـَــان..
فتدفـَّـــقَ المـــاءُ الغزيـــرُ
بقـــوَّةٍ
في المَركبِ
المُتصدِّع الأركـــان ِ
وتخاصَمـوا وتعارَكـوا وتحطَّمتْ
ألواحُهـــم مــن تحْـتِـهــم
بثــَـوان ِ
وبكـلِّ لـَـوح ٍأمْسَكـَـتْ وتعـلـَّقــتْ
فِئة ٌ تـَعُـومُ بصُحْبـــةِ
الـشـَّيطـان ِ
طوراً يُوَسْوسُ في النفوس وتارةً
يُـلـقِـي بهـا شُـعُــلا ً من
النيـران ِ
وجميعُهـم
يَرْنــــو لِـلـَوح رَفيقـــهِ
بتحَسُّـــر كـَتـَحـَاسـُـدِ الجيـْـــران ِ
فـإذا عَـلا لـَوحٌ لـَهـُـم مع
موجـَــةٍ
يَعلو بهـِــم
زَبَـــدٌ مـن الأضْغـان ِ
والكـلّ يَحمـلُ حُـزنـه فـي قـَلـبـــهِ
وأنـــا احْتمَلـْتُ لِكـُلـِّهـِم
أحـزانِـي!
فـَلقد دَفعْتُ مَشاعِري كـسَـحـابَـــةٍ
لِـيَـسِـيرَ تحت ظِلالـِهَـا
إخـوانِــي
وَجَـمَـعْـتـُهـُم في مُهْجة مُـلـتـاعـَـة
كـــلٌّ لـَـــه شَطـْرٌ مِـن
الوجْـــدان ِ
وكتبتُ فـي وَطني الكبير مَحَبَّتِــي
ولـــه جعلـــتُ بلاغتـــي وبَيانــي
ورَسمتُ صُورته بريشةِ خاطري
بتصَوُّر ٍ مـا مَـــرَّ في
الأذهَـــــان ِ
وأقـَمْـتُ قـادمَ مَجْـــدِهِ بقصَائـــدي
وَنـقـَشْـتـُهـا في صَرْحِــهِ
المُزدان ِ
وَمَدَدْتُ أحْلامــــي ببَحر تفكـُّـري
وَكأنَّهـــا شُـعَـبٌ مِـنَ
المَرْجَـــــان ِ
فرأيتُ أجْـراسَ الـتـَّقـَدُّم ِ والعُلــى
بـِأكـُفِّ أجْيـــــال ٍ
مـن الـشُّـبَّــــان ِ
فـَلعـلـَّنـا نـُوفي الـشـَّبـابَ حُقوقهـم
فـَلـَطـَالـَمـَا
عَـانـَوا مِـنَ النُّقصَــان!
أينَ العِنايـــة ُ؟ أيـْنَ تـَنـْشِـئَـة ٌ بهـا
صَـقـْـلُ النفوس ِ وصِحَّة
الأبـْـدان؟
مَا ذنْبُ مَن قد حُوصِروا في عِلمهم
بالجَهـْـل أو مِـن شِــدَّة ِ الحِـرمَـان؟
حُرموا الرِّعاية بَعد أن حَلموا بهـا
فــي سَـاحَـةِ
الإبـْداع والعِرفـــــان ِ
بَـلْ صُودِرَتْ أحْلامُهُـــم بمَدينـَــةٍ
يَحْـيَــون تـَحْـتَ
سَمَائهـــا بأمَـــان ِ
والبعضُ قد أضْحـى ضَحِيَّـة رأيهِ
فِـــي ظلمَةِ الجُــدران
ِ والقضبـان ِ
أوْ مُبْعَــــــداً عَـن حِقبـــةٍ وطنيــةٍ
في ساعـــــــةٍ حِـزبيَّـــــةِ
الدَّوَران ِ
هـــذا
الطريـــقُ وقد تبيَّنَ وجْهُــهُ
مَـا
عَــــادَ مُحْتاجـَـــاً إلى تـَبْـيَـــان ِ
إنْ خَـالـَجَـتـْنـا فـي الـتَّـقـَدُّم رَغبة
كـَانت بـِدايَـتـُنــــا مِـنَ
الـفِـتـْيـَـــان ِ
وَتشبَّثتْ مِـنَّــا العُقـــولُ بوَحْــــدَةٍ
عَـرَبـيَّــــــةِ المِقيــــاس ِ
والأوْزان ِ
تـَحْـيَـا بهــا الأجْيـَـالُ فـي حُريَّــةٍ
فـَغـَنِـيُّـهــــا وَفـَقِـيْـرُهــــا سِيَّـــــان ِ
وبهـا
تـفـَاضَـلـَت الـقـُلـوبُ ببرِّها
وجَـرى تعاونـُهـا عَـلـى الإحْـسَـان ِ
فِـي ظِـلِّ عَـدل ٍ قـد تجدَّدَ عَـهْــدُهُ
مَــع كــلِّ شمْـس ٍ أشْـرَقـَـتْ وَأذان ِ
وَبذلكَ التغييــر نبنـي قـَلـْعـَـــــــة
أعْـلى مِـنَ البُركـــان ِ والـطـُّوفـَان ِ
خَـيْرُ
القِلاع ِهِيَ التي قد حَـقـَّقـَتْ
شـَرَفَ العُـلـُــوِّ وقـُـــوَّةَ الـبُـنـْيـَـان ِ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق